للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتى قُصد خلاف ذلك جُعل في اليسرى، كما قال ابن ميَّادة:

ألم تك في يمنى يديك جعلتَني ... فلا تجعلني بعدها في شمالكا١

أي: كنت مكرما عندك فلا تجعلني مهانا، وكنت في المكان الشريف منك فلا تحطني في المنزل الوضيع.

وكذا إذا قلت للمخلوق: "الأمر بيدك" أردت المثل؛ أي: الأمر كالشيء يحصل في يدك فلا يمتنع عليك. وكذا قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} ٢ قال الزمخشري: كأن الغضب كان يغريه على ما فعل ويقول له: قل لقومك كذا وأَلْقِ الألواح وجُرّ برأس أخيك إليك، فترك النطق بذلك وقطع الإغراء٣. ولم يستحسن هذه الكلمة ولم يستفصحها كل ذي طبع سليم وذوق صحيح إلا لذلك، ولأنه من قبيل شعب البلاغة٤، وإلا فما لقراءة معاوية بن قرة: "ولما سكن عن موسى الغضب"٢ لا تجد النفس عندها شيئا من الهِزّة، وطرفا من تلك الروعة٥.

وأما قولهم: "اعتصمتُ بحبله" فقال الزمخشري أيضا: يجوز أن يكون تمثيلا لاستظهاره به، ووثوقه بحمايته، بامتساك المتدلِّي من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن

<<  <  ج: ص:  >  >>