للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله "من الطويل":

سأشكر عمرا إن تراخت منيتي ... أيادي لم تُمْنَن وإن هي جلت

فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت١

وقوله "من الطويل":

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

نجوم سماء كلما انقض كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكبه٢

وقول بعض العرب في ابن عم له موسر، سأله، فمنعه، وقال: كم أعطيك مالي وأنت تنفقه فيما لا يعنيك، والله لا أعطينّك. فتركه حتى اجتمع القوم في ناديهم وهو فيهم، فشكاه إلى القوم وذمه، فوثب إليه ابن عمه فلطمه، فأنشأ يقول "من الطويل":

سريع إلى ابن العم يلطم وجهه ... وليس إلى داعي الندى بسريع


١ هما لعبد الله بن الزبير الأسدي في مدح عمرو بن عثمان بن عفان، وقيل: إنهما لإبراهيم بن العباس الصولي، وقيل غير هذا في نسبتهما، وأيادي بدل اشتمال من عمرو، والتقدير: أيادي له، وهي جمع أيدي بمعنى النعم، وأيدي جمع يد، وقوله: "لم تمنن" معناه لم تقطع أو لم تخلط بمنة, وقوله: "إذا النعل زلت" كناية عن نزول الشر، وزلت بمعنى زلقت. والشاهد في قوله: "فتى"؛ لأن التقدير هو فتى، والحذف فيه للاختصار والاحتراز عن العبث مع ضيق المقام بسبب الشعر، وقد قيل: إنه لصون المحذوف عن لسان المادح، وقيل: إنه لادعاء تعينه، وكلاهما ضعيف؛ لأنه صرح باسمه قبله.
٢ قيل: إنهما لحنظلة بن الشرفي, المعروف بأبي الطمحان القيني, وقيل: للقيط بن زرارة في مدح "بني لأم" من طيئ، وهو الصحيح، وكان في أسر بجير بن أوس الطائي فأطلقه فمدحه بذلك. والجزع: خرز فيه بياض وسواد، والشاهد في قوله: "نجوم سماء"؛ لأن التقدير: هم نجوم سماء، والحذف فيه للاختصار والاحتراز عن العبث مع ضيق المقام بسبب الشعر، وقيل: إنه لصون المحذوف عن لسان المادح. هذا, وبعضهم يأخذ على البيت الأول ما فيه من المبالغة التي جاوزت الحد، وبعضهم يعجب به ويقول: هو أمدح بيت قيل في الجاهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>