للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث" ١ قال الترمذي العمل على هذا الحديث عند أهل العلم وإجماع الصحابة على ذلك إلا أن تتعطل منافعه المقصودة منه بخراب أو غيره بحيث لا يرد شيئًا على أهله أو يرد شيئًا لا يعد نفعًا وتتعذر عمارته وعود نفعه ولو مسجدًا حتى بضيقه على أهله المصلين به وتعذر توسيعه في محله أو خراب محلته أو كان موضعه قذرًا فيصح بيعه٢ ويصرف ثمنه في مثله للنهي عن إضاعة المال وفي إبقائه إذن إضاعة فوجب الحفظ بالبيع ولأن المقصود انتفاع الموقوف عليه بالثمرة لا بعين الأصل من حيث هو. ومنع البيع أذن مبطل لهذا المعنى اقتضاه الوقف فيكون خلاف الأصل، ولأن فيما نقوله إبقاء للوقف بمعناه حين تعذر الإبقاء بصورته فيكون متعينًا، وعموم "لا يباع أصلها" مخصوص بحالة تأهل الموقوف للانتفاع المخصوص لما ذكرنا.

قال ابن رجب ويجوز في أظهر الروايتين عن أحمد أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية اخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى.

٥٥- يجوز نقل آلة المسجد الذي يجوز بيعه ونقل انقاضه إلى مثله إن احتاجها فإن ابن مسعود رضي الله عنه قد حول مسجد الجامع من التمارين بالكوفة، وهذا النقل أولى من بيعه لبقاء الانتفاع من غير خلل فيه.

علم من قولنا: "إلى مثله" أنه لا يعمر بآلات المسجد مدرسة ولا رباط ولا بئر ولا حوض ولا قنطرة، وكذا آلات كل واحد من هذه الأمكنة لا يعمر بها ما عداه لأن جعلها في مثل العين ممكن فتعين، وافتى الإمام عبادة بجواز عمارة وقف من ريع آخر على جهته، ذكره ابن رجب في طبقاته. قال في الإنصاف وهو قوي بل عمل الناس عليه. ا. هـ.

٥٦- يجوز تجديد بناء المسجد لمصلحة لحديث عائشة في الصحيح "لولا


١ حديث صحيح، مخرج في "الإرواء" "١٥٨٢" من رواية الشيخين وغيرهما.
٢ سيأتي في ٦٣ "ص٢٧٠" عن أبي يوسف رحمه الله مثله. ا. هـ.

<<  <   >  >>