للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

١١، ١٢- عوض، قط، سبق الكلام عليهما في ص١١٦ و٢٦١


= لفظ "لدن" على كلمة هي بداية الغاية؛ فدخوله على هذه الكلمة وعلى نظائرها يرشد إلى أنها أول جزء من أجزاء الغاية المكانية، أو أنها نقطة البداية.
ولو قلت: سافرت من لدن الصبح إلى العصر، لدل الفعل: "سافر" على أنه استغرق زمنًا محددًا معينًا، له بداية زمنية معروفة، ونهاية زمنية معروفة كذلك؛ فله نقطتا ابتداء وانتهاء، زمنيتان مضبوطتان، وينحصر بينهما مقدار زمني يصلهما، ويتكون من مجموع الثلاثة "أي: من نقطة البداية، ونقطة النهاية، وما بينهما" ما يسمى في الاصطلاح: "الغاية الزمانية" بمعنى: "المقدار الزماني"، ودخول لفظ "لدن" على الكلمة التي بعده يرشد إلى أن هذه الكلمة نفسها هي نقطة البداية، أي أول: جزء من أجزاء الغاية الزمانية.
ويفهم مما سبق أن "لدن"، و"عند" اسمان يدلان على ما بعدهما من بدء الغاية ... فسمى كل منهما "نقطة البداية" نفسها، وليس الابتداء الذي هو أمر معنوي، ولهذا كانا اسمين عند النحاة دون "من"، "ومنذ" الحرفين اللذين معناهما الابتداء المعنوي، فإضافة "لدن"، و"عند" إنما هي من إضافة الاسم إلى مسماه.
"هذا وقد أطلنا الكلام في ج ١ ص ٥٦ م ٦ عن سبب تفريقهم بين كلمة: "ابتداء" واعتبرها اسما، وكلمة: "من" الجارة المقيدة للابتداء، واعتبارها حرفًا".
لكن قد يخطر على البال السؤال الآتي: إذا ان لفظ "لدن" للدلالة على بداية الغاية، فما الداعي لمجيء الحرف "من" قبله، ومعناه الابتداء أيضًا؟
أجاب النحاة عن هذا إجابة غير مقنعة؛ فقالوا: إن دلالة "لدن" على بداية الغاية ليست مألوفة في الأسماء؛ فجاء الحرف "من" ليكون بمنزلة الدال على ذلك، ولهذا يكون في الأعلم الأغلب موجودًا. "راجع حاشية ياسين على شرح التصريح في هذا الموضع".
والسبب الحق هو استعمال العرب القدامى لهما مجتمعين، دون تعليل آخر:
ب– ما سبق يقال في الظرف: "عند"؛ فلو وضعناه مكان "لدن" في الأمثلة السالفة وأشباهها لم يتغير الأمر؛ ففي مثل: قرأت الكتاب من عند المقدمة إلى الخاتمة، تجد الفعل: "قرأ" لا يتحقق كاملًا إلا بنقطة مكانية معينة تبتدئ منها القراءة؛ هي: "المقدمة"، ونقطة أخرى محددة تنتهي إليها؛ هي: "الخاتمة"، وبين النقطتين المكانيتين مسافة مكانية تصل بينهما هي المسافة الأخرى المكتوبة، ومن اجتماع الثلاثة: "أي نقطة البداية المكانية، ونقطة النهاية المكانية، وما بينهما" يتكون ما يسمونه: "الغاية المكانية" التي يجيء الظرف "عند" ليدل على أن المضاف إليه هو نقطة البداية فيها:
وإذا قلت: قرأت الكتاب من عند العصر إلى المغرب نشأت: "الغاية الزمانية" التي تتكون من اجتماع تلك الثلاثة، والتي يدخل الظرف "عند" على أول جزء منها؛ فيكون وجوده دليلًا على أن ما بعده "وهو المضاف إليه" نقطة البداية الزمانية ...
مما تقدم يتضح الفرق بين "الغاية"، ومبدأ الغاية الذي يدل عليه "لدن" أو"عند"؛ فالغاية =

<<  <  ج: ص:  >  >>