للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

١٣– كلما ظرف مركب من كلمتين هما: "كل" و"ما"، وهو بهذا التركيب اللفظي يفيد تكرار المعنى؛ نحو: كلما رأى الناس المصلح أكبروه، ويقول النحاة: إن كلمة "كل" فيه منصوبة باتفاق، وأنها مضافة إلى كلمة "ما" المصدرية؛ أو التي تعتبر نكرة بمعنى: "شيء"، وهذا الشيء "وقت" فكلمة: "ما" هنا محتملة لوجهين.

أحدهما: أن تكون حرفًا مصدريًا والجملة بعد هذا الحرف المصدري صلة له؛ لا محل لها من الإعراب، والأصل: كل رؤية الناس ... ، ثم عبرنا عن معنى المصدر بكلمتي: "ما والفعل" ثم أنيبا عن الزمان، أي: كل وقت رؤية ... كما أنيب عنه المصدر الصريح في مثل: جئتك خفوق النجم.

والآخر: أن تكون "ما" اسمًا نكرة بمعنى: "وقت"، فلا تحتاج على هذا إلى تقدير: "وقت" والجملة بعده في محل جر صفة؛ فتحتاج إلى تقدير ضمير عائد منها، أي: كل وقت رأى الناس فيه ...

وقد سبق أن هذا الظرف مركب من كلمتين، وأن كلمة: "كل" منصوبة حتمًا، وبقي أنه يحتاج إلى جملتين ماضيتين بعده، والثانية منهما بمنزلة الجواب له مع أنه ليس أداة شرط، والماضي فيها هو عامل نصبه ويجب تأخيرها.

"راجع المغني والهمع".

١٤– لدن، يكون ظرفًا دالًا على مبدأ الغايات، "أي: أنه لابتداء غاية زمان أو مكان بالمعنى الذي سبق١ شرحه في "عند"، ويلازم البناء، وبناؤه


= تشمل الأجزاء الثلاثة، أما مبدأ الغاية فهو الجزء الأول منها، دون الجزأين الآخرين، وكذلك يتضح المراد من قولهم: "إن معنى: "لدن"، و"عند" هو الدلالة على مبدأ الغايات الزمانية أو المكانية"، وأنه يصح وضع أحدهما مكان الآخر، فيقال: جئت من عند الصديق، أو: من لدن الصديق، وفي القرآن الكريم: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} ، فلو وضع أحد الظرفين مكان الآخر لجاز، ولم يمنع منه مانع إلا كره التكرار اللفظي بغير داع بلاغي.
جـ- إذا دخل "لدن"، أو: "عند" على بداية الغاية فليس من اللازم أن يذكر معها اللفظ الدال على النهاية، إذ يكفي أن يشتمل الكلام على البداية وحدها ما دام المقام يكتفي به.
د– ليس الأمر في كل ما سبق مقصورًا على الأفعال التي تعمل في الظرف، وتحتاج في تحقيق معناها إلى غاية زمانية أو مكانية، وإنما الأمر يشمل كل عامل آخر لا يتحقق معناه كاملًا إلا بذكر الغاية؛ يتساوى في هذا أن يكون العامل فعلًا، أو شبه فعل، أو اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو غير ذلك مما يعمل ...
١ في رقم ٢ من هامش ص ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>