للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فعامله هو: "إلا" ونحن في غنى عن التعرض لأقواها وغيره إلا حين يعرض أمر يختص بالعامل وهذا قليل وعندئذ يرجع الفعل، أو ما يعمل عمله كالحالات السالفة التي يجوز فيها تقدم المستثنى على عامله أو عدم تقدمه.

د– وردت أمثلة مسموعة وقع فيها المستثنى غير منصوب، مع أن الكلام تام موجب؛ ومنها قوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُم} في قراءة كلمة: "قليل" بالرفع، ومنها: تغير المنزل إلا باب١ ومنها قوله عليه السلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة، إلا امرأة، أو مسافر، أو مريض"، وقوله أيضًا: "فتفرقوا كلهم إلا قتادة ... " ... و ... و ...

وقد كلف النحاة أنفسهم عناء التأويل والتقدير؛ ليجلعوا الكلام تامًا غير موجب، فيصلوا من هذا إلى جواز البدل، وإلى أن الأمثلة مسايرة للقاعدة عندهم، فمما قالوه في الآية: إن نصها على لسان طالوت هو: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} ... {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ} فمعنى: "شربوا منه": لم يكونوا مني ولا من أنصاري، فهي في تأويل كلام منفي في تقديرهم.

وقالوا: في المثال الثاني وأشبابه: إن: "تغير" معناها لم يبق على حاله، فالكلام يتضمن نفيًا في المعنى ... كما عرضوا تأويلات أخرى لبقية الأمثلة الواردة.

ولا شك أن كلامهم مردود، وتأويلهم بعيد، لسببين:

أولهما: أن كل كلام مثبت لا بد له من نقيض غير مثبت، ويستحيل الحكم على شيء بالإثبات دون أن يتصور العقل له ضدًا منفيًا؛ فمعنى "سكت الفتى: لم يتكلم، ومعنى لم يتكلم: سكت، ومعنى: "نام الرجل" لم يتيقظ، ومعنى "تيقظ": ليس بنائم، ومعنى "تحرك الطفل": لم يسكن، ومعنى "سكن": لم يتحرك ... ومعنى "شرب": لم يفقد الماء ويظمأ، ومعنى "فقد الماء": ما شرب ...


١ نص المثال المسموع، الوارد في "التصريح" هو:
وبالصريمة منهم منزل خلق ... عاف تغير إلا النؤي والوتد
وفي حاشية ياسين أمثلة متنوعة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>