للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و ... و ... ، وهكذا، فلو أخذنا برأيهم، وفتحنا باب التأويل على هذا النمط لم يبق في الكلام العربي أسلوب مقصور على "التمام مع الإيجاب" دون أن يصلح للنوع الثاني "وهو: التام غير الموجب"، وهذا غير مقبول.

وثانيهما: وهو الأهم أن الآية والمثال وغيرها مما وقع فيه المستثنى غير منصوب في الكلام التام الموجب إنما ورد صحيحًا مطابقًا للغة بعض القبائل العربية، التي تجهل السلقية الكلام "التام الموجب، والتام غير الموجب" متماثلين في الحكم١؛ ويجوز فيهما: إما النصب على الاستثناء، وإما البدل من المستثنى منه، وإما الرفع على الابتداء ٢ ... و ... فلا معنى للتأويل بقصد إخضاع لغة قبيلة للغة نظيرتها٣.


١ وقد ورد النص على هذا في كثير من المراجع النحوية، ومنها: حاشية ياسين على "التصريح، شرح التوضيح"، ففيها البيان والأمثلة من القرآن والحديث وغيرهما مما سرده في أول "الاستثناء"، وكذا الصبان.
٢ من يرفع الاسم بعد: "إلا" في الكلام التام الموجب فعلى اعتبار ذلك الاسم عنده مبتدأ، خبره مذكور أو محذوف، ويجعل المستثنى حينئذ هو الجملة في محل نصب على الاستثناء، ويجري هذا في المتصل والمنقطع.
راجع الصبان، أول باب الاستثناء، وكذلك حاشية "الأمير" على المغني ج٢، بعد الجملة السابعة من باب الجمل التي لها محل من الإعراب؛ حيث الأمثلة المتعددة الواردة برفع المستثنى في الكلام التام الموجب والتي لا تحتمل تأويلًا، وحيث النص الصريح من كلام ابن مالك وغيره بأن النصب جائز لا واجب، مؤيدًا رأيه بالشواهد الفصيحة المتنوعة التي سردها، "وانظر رقم ٣ من هامش ص ٣٣٢".
والخير في ترك هذه اللغات القليلة؛ بالرغم من أنها صحيحة قياسية.
٣ ومما يتصل بهذا ويفيد عرضه هنا ما جاء في تفسير البحر المحيط" ج ٢ ص ٢٦٦ لأبي حيان: "للآية الكريمة: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُم} .... ونص كلامه:
" ... وقرأ عبد الله، وأبي، والأعمش، "إلا قليلٌ" بالرفع، قال: الزمخشري: " وهذا من ميلهم مع المعنى والإعراض من اللفظ جانبًا، وهو باب جليل من علم العربية، فلما كان معنى: فشربوا منه" في معنى: فلم يطيعوه، حمل عليه؛ كأنه قيل: فلم يطيعوه إلا "قليل"، ونحوه قول الفرزدق:
"وعض زمان يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتًا أو مجلف
- المسحت: القليل، والمجلف: من ذهبت الشدائد والسنون بماله، أو من تركت له بقية ضئيلة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>