للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذا كان التأويل على هذا النمط معيبا، وواجبنا الفرار منه جهد استطاعتنا، فإن الأنسب لنا اليوم أن نتخير عند الضبط اللغة الضاربة في الفصاحة، الشائعة بين اللغات المتعددة؛ لنقتصر عليها في استعمالنا تاركين غيرها من اللغات واللهجات القليلة، توحيدًا للتفاهم، وفرارًا من البلبلة الناشئة من تعدد اللهجات واللغات بغير حاجة ماسة؛ فعلينا أن نعرف تلك اللغات في مناسباتها، ويستعين بها المتخصصون على فهم النصوص الواردة بها، دون محاكاتها في الضبط، أو القياس عليها كما أشرنا لهذا كثيرًا على الرغم من أنها صحيحة يجوز محاكاتها١.

هـ- إذا كان الكلام تامًًا موجبًا ٢، فلا يكون المستثنى منه في الفصيح


= "كأنه قال: لم يسبق من المال إلا مسحت أو مجلف". ا. هـ، كلام الزمخشري.
"والمعنى: أن هذا الموجب الذي هو "فشربوا منه" هو في معنى النفي؛ كأنه "قيل: فلم يطيعوه؛ إلا قليل فارتفع "قليل" على هذا المعنى؛ ولو لم يحفظ فيه معنى النفي لم يكن ليرتفع ما بعد إلا، فيظهر أن ارتفاعه هو على أنه بدل من جهة" المعنى، فالموجب فيه كالنفي.
وما ذهب إليه الزمخشري من أنه ارتفع ما بعد "إلا" على التأويل هنا دليل على أنه لم يحفظ الاتباع بعد الموجب؛ فلذلك تأوله.
"ونقول: إذا تقدم موجب جاز في الذي بعد إلا وجهان، أحدهما: النصب على الاستثناء، وهو الأفصح والثاني: أن يكون ما بعد إلا تابعًا لإعراب المستثنى منه؛ إن رفعا فرفع، أو نصبًا فنصب، أو جرا فجر؛ فنقول: قام القوم إلا زيد، ورأيت القوم إلا زيدًا، ومررت بالقوم إلا زيد، وسواء أكان ما قبل إلا مظهر أو مضمرًا، واختلفوا في إعرابه؛ "فقيل: هو كذا ... أو كذا ... وسرد آراء مختلفة ... "، ثم قال بعدها:
"ومن الاتباع بعد الموجب قوله:
"وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
ا. هـ، النص المنقول حرفيًا من تفسير أبي حيان.
١ لأن كل قراءة صحيحة قرئ بها القرآن يصح محاكاتها في غيره، والقياس عليها، وكذلك كل لغة سليمة لإحدى القبائل؛ كما نص على هذا الأئمة، وعرضنا له بأدلته وتفاصيله في بحث مستفيض؛ عنوانه "القياس"، بكتابنا المسمى: "اللغة والنحو بين القديم والحديث".
٢ راجع في الحكم الآتي كتاب: همع الهوامع ج ١ ص ٣٢٣ أول باب الاستثناء، "وفي رقم ٦ من هامش ص ٣٢١، إشارة لما يأتي. ".

<<  <  ج: ص:  >  >>