للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قبل دخولها، وليس من محل اسمها بعد دخولها، فاسمها قبل دخولها كان مبتدأ١، فالبدل مرفوع مثله، ولا عمل للناسخ فيه إذ ذاك.

ومثل: ما الخائن شيئًا إلا رجل حقير؛ فقد منعوا أن تكون كلمة: "رجل" بدلًا منصوبًا من كلمة: "شيئًا" المنصوبة، وحتموا أن تكون بدلًا مرفوعًا من كلمة: "شيئًا" باعتبار أصلها؛ فقد كانت خبرًا مرفوعًا للمبتدأ قبل مجيء "ما" الحجازية التي تعمل عمل: "ليس"، وسبب المنع أن المستثنى منه منفي، والمستثنى موجب، والعامل في الاثنين واحد؛ هو: "ما" الحجازية، فتكون "ما" الحجازية قد عملت في الموجب، وهي لا تعمل إلا في المنفي.

ذلك رأيهم ودليلهم ٢ في كل ما سبق من الأمثلة الممنوعة، وهو رأي غريب "إذا ما الحكمة كما قال بعض آخر من النحاة في ارتكاب هذا التكلف ٣؟ مع أن القاعدة: "أنه يغتفر فيا لتابع ما لا يغتفر في المتبوع ٤".


١ يجوز في هذا المثال من الأوجه الإعرابية ما يجوز في أشباهه التي عرضوها في باب "لا" النافية للجنس آخر الجزء الأول ومنها: "لا إله إلا الله"، فقد جوزوا في كلمة: "الله" ما يأتي.
أ– الرف على البدلية؛ مراعاة لمحل "لا مع اسمها؛ لأن محلهما رفع على الابتداء عند سيبويه.
ب– أو: الرفع على البدلية مراعاة لمحل اسم "لا" باعتباره في الأصل مبتدأ مرفوعًا قبل دخول الناسخ.
جـ– أو: الرفع على البدلية من الضمير المستتر في خبر "لا" المحذوف؛ فأصل الكلام لا إله موجود؛ أي: هو.
د– أو: النصب على الاستثناء من هذا الضمير المستتر؛ لأن الجملة تامة غير موجبة؛ فيجوز في المستنثى أمران كما عرفنا: البدلية، أو: النصب على الاستثناء.
٢ و٢ راجع الأشموني، وحاشية الصبان ج ٢ أول باب: "الاستثناء"، عند الكلام على البدل، في الكلام التام غير الموجب.
٣ عرضنا صورًا من تطبيقه في آخر الجزء الثالث عند الموازنة بين عطف البيان وبدل الكل.
٤ وقد يعبرون عن هذه القاعدة بتعبيرات مختلفة الألفاظ متحدة المعاني؛ منها: "يغتفر كثيرًا من الثواني ما لا يغتفر في الأوائل" كما في جاء في الصبان ج ٢ في باب الإضافة، عند الكلام على: "أي"، ومنها: "يغتفر في الثواني ما لا يجوز في الأوائل" كما اء في الهمع ج ١ ص ٢١٥ عند الكلام على الظرف: "لدن" ومنها: "أنهم يتسامحون في الثواني، ويغتفرون في التوابع" كما جاء في حاشية الأمير على المغني، ج ١ عند الكلام على الحرف، "رب" وتنكير مجروره.
انظر ما يتصل بهذا في رقم ١ من هامش ص ٦٩ وص ٥٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>