للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثلوا له بقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} ، حيث لا يمكن تسليط العامل على المعطوف ١ فهلا جاز هنا في البدل الجر، أو النصب تبعًا للفظ المبدل منه على هذه القاعدة ٢.

وشيء آخر له الأهمية الأولى، ولا أعرف أنهم ذكروه؛ هو كلام العرب في مثل ما سبق، والمأثور من أساليبهم، أجاء خاليًا من اتباع المستثنى للفظ المستثنى منه، أم لم يجئ؟ وفي الحالتين لا يقوم دليل على المنع؛ لأن عدم المجيء ليس معناه التحريم، فالأمر السلبي لا يكفي في انتزاع حكم قاطع مخالف للمألوف في نظرائه التي يتبع فيها البدل حركة المبدل منه اللفظية، كما أن المجيء قاطع في الصحة.

الحق أن هذا كله وأشباهه هو الجانب المعيب في: "نظرية العامل"؛ إذ يمنحه سلطانًا قويًا يتحكم به في صياغة الأسلوب، أو ضبطه، بغير سند يؤيده من فصيح الكلام، وقد سبق أن امتدحنا هذه النظرية البارعة التي لا تصدر إلا عن عبقرية، وذكاء لماح، وقلنا٣: إنها لا عيب فيها إلا ما قد يشوبها في قليل من الأحيان من مثل هذه الهنوات.

ح– في مثل: ما أحد يقول الباطل إلا الدنيء، يجوز في كلمة: "الدنيء" أن يكون بدلًا مرفوعًا من كلمة: "أحد" أو: من ضميره المستتر الواقع فاعلًا للمضارع، ويجوز نصبه على الاستثناء، فللرفع ناحيتان، وللنصب واحدة.

أما في مثل: ما رأيت أحد يقول الباطل إلا الدنيء، فيجوز في كلمة: "الدنيء" النصب على الاستثناء، أو: على البدلية من كلمة: "أحدًا" المنصوبة ويجوز فيها الرفع على البدلية من الفاعل المستتر في الفعل المضارع؛ فللنصب ناحيتان وللرفع ناحية.


١ لأن فعل الأمر لا يرفع اسمًا ظاهرًا، ومثل هذا ما يقال في الحرف: "رب" من صحة عطف المعرفة على الاسم المجرور به، مع أن "رب" حرف لا يجر إلا النكرة كما سيجيء في حروف الجر ص ٥٢٣.
٢ وقد ردوا هذا الكلام بأن الأخذ بتلك القاعدة إنما يكون في بعض المواضع دون بعض وليست مطردة: وهذا غريب أيضًا.
٣ جـ ١ ص ٤٥ م٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>