للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب– الحكم إذا كانت أداة الاستثناء هي "إلا" المكررة ١:

أ- قد يكون تكرارها بقصد التوكيد اللفظي المحض، وتقوية "إلا" الأولى الاستثنائية، بغير إفادة استثناء جديد، ولهذه حالة صورتان:

الأولى: أن تقع "إلا" التي تكررت للتوكيد اللفظي المحض، بعد "الواو" العاطفة لا يصح أن تقع بعد غيرها من حروف العطف نحو: أحب ركوب السفن إلا الشراعية، وإلا الصغيرة، فالواو حرف عطف، "إلا" الثانية: للتوكيد اللفظي، ولا تفيد استثناء، و"الصغيرة" معطوفة على "الشراعية"؛ فهي مستثنى، بسبب العطف، لا بسبب "إلا" المكررة ٢؛ ولهذا يكون المستثنى المعطوف تابعًا للمعطوف عليه في ضبطه، ولا تأثير لوجود "إلا" المكررة في ضبطه، أو ضبط غيره، وإنما تأثيرها مقصور على ما تتضمنه من فائدة معنوية يحققها التوكيد اللفظي بها.

الثانية: ألا تقع "إلا" التي جاءت للتكرار المحض بعد حرف عطف، ولكن يكون اللفظ الواقع بعدها مباشرة متفقًا مع المستثنى الذي قبلها في المعنى والمدلول، برغم اختلاف اللفظين في الحروف الهجائية، ويكون ضبط اللفظ بعد المكررة جاريًا على افتراض أنها غير موجودة؛ فوجودها وعدمها سواء من ناحية الحكم الإعرابي الذي يخصه، مثال ذلك رجل يقال له: هارون الرشيد، أو: محمد الأمين ... أو ... ، نحو: جاء القوم إلا هارون إلا الرشيد، اشتهر الخلفاء إلا محمدًا إلا الأمين، فكلمة: "إلا" الثانية في المثالين لا تفيد استثناء جديدًا؛ لأن "الرشيد" المقصود هو: "هارون"، و"الأمين" المقصود هو: "محمد"، وإنما أفادت الثانية توكيدًا لفظيًا


١ سبق الكلام على: "إلا" غير المكررة في ص ٣١٩.
٢ وهذا الحكم ينطبق على جميع أنواع المستثنى الثلاثة إذا تكررت "إلا"، وقد سبق مثال "التام الموجب"، أما مثال "التام غير الموجب"، فنحو: لا أحب ركوب السفن إلا البواخر، وإلا الكبيرة، وإما مثال "المفرغ"، فقول الشاعر:
لا يمنح النفس ما ترجوه من أرب ... إلا الطموح، وإلا الجد، والعمل
وقول الآخر:
وما الفضل إلا أن تجود بنائل ... وإلا لقاء الخل ذي الخلق العالي
فالمصدر المؤول بعد "إلا" الأولى خبر، أما الثانية فلمجرد التوكيد اللفظي، والمصدر الصيح بعدها معطوف بالواو على المصدر المؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>