للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: الجر مراعاة للفظ المستثنى المجرور؛ نحو: قدمت المنح للفائزين غير محمود وحسن.

ثانيهما: ضبطه بمثل ضبط المستثنى "بإلا"، لو حذفت "غير" وحل محلها: "إلا". وذلك بأن نتخيل حذف كلمة: "غير" ووقوع "إلا" موقعها، وضبط المستثنى بغير على حسب ما تقتضيه الحالة الجديدة بسبب مجيء "إلا"، في مكان "غير"، ثم نضبط تابعه بمثل حركته الجديدة، في المثال السابق: "قدمت المنح للفائزين غير محمود" يصير: قدمت المنح للفائزين إلا محمودًا، فصار المستثنى منصوبًا مع "إلا" بعد أن كان مجرورًا مع الأداة: "غير"، فيصح في تابعه أن يكون منصوبًا مع كلمة "غير" أيضًا، على تخيل "إلا" المقدرة والملحوظة، وأن المستثنى بها على فرض وجودها في الكلام منصوب؛ فنقول: قدمت المنح للفائزين غير محمود، وحسن أو: غير محمود وحسنًا؛ بافتراض أن كلمة: "محمود" مجرورة في ظاهرها؛ لأنها مستثنى للأداة "غير"، ومنصوبة في التقدير والتوهم؛ لأنها مستثنى للأداة: "إلا" المقدرة، ولهذا يصح النصب والجر في كلمة: "ضرب" من قول الشاعر:

ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلى، وضرب الرقاب

ومثل: ما جاء الفائزون غير محمود وحسن، أو: حسنًا، أو: حسن؛ لأننا لو وضعنا الأداة: "إلا" مكان الأداة "غير" لجاز في المستثنى، الذي كان مجرورا بعد "غير" أمران بعد مجيء "إلا" هما النصب على الاستثناء، والرفع على البدلية، هكذا: ما جاء الفائزون إلا محمودًا أو محمود، فيجوز في تابعه الأمران: النصب والرفع؛ وهذا يجري أيضًا في تابع المستثنى بكلمة: "غير" التي تجيء في مكان: "إلا" فيجوز فيه الأمران زيادة على جره، ومعنى هذا أن كلمة "حسن"، وهي المعطوفة في المثال السالف، يجوز فيها الجر، والنصب، والرفع.

والنحاة يسمون الضبط الناشئ من التخيل السالف: "الإعراب على التوهم"١ أو: "على المحل"، وهو مقصور في باب الاستثناء على المستثنى "بغير"، وأخواتها الأسماء، ولا يجوز في غيرها، ومع جوازه المشار إليه يحسن البعد عنه، وعن التوهم عامة؛ حرصًا على أهم خصائص اللغة، وتمسكًا بسلامة البيان.


١ انظر البيان في رقم ٣ من هامش ص ٤٣١، وله إشارة في رقم من ص ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>