للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وحروف الجر الشبيه بالزائد لا يحتاج إلى تعليق"، ففي الأمثلة السابقة يجوز: أحب الأدباء عدا الخداع، أو: الخداع، وأقرأ الصحف خلا التافهة، أو التافهة، وأشاهد تمثيل المسرحيات حاشًا السوقية أو السوقية، فكلمات: "الخداع، التافهة، السوقية" يجوز في كل منها النصب، فيكون مستثنى مفعولًا به، والعامل فعلًا ماضيًا جامدًا، ويجوز فيها الجر والعامل حرف جر١ ...

وقد وردت أمثلة مسموعة وقعت فيها "ما" قبل الكلمات الثلاث: "خلا – عدا – حاشا"، ووقع فيها المستثنى مجرورًا؛ وهي أمثلة شاذة لا يصح


١ "ملاحظة": قالوا: إنما يجوز الأمران النصب والجر بعد تلك الأفعال الثلاثة في غير الحالة التي يكون المستثنى بها ياء المتكلم، فإن كان المستثنى بها ضميرًا للمتكلم "الياء"، ولم توجد "ما" المصدرية تعين اعتبار الأداة حرف جر إن لم يوجد قبل ياء المتكلم نون الوقاية؛ نحو: أطال الخطباء، حاشاي، أو: عداي، أو خلاي، والمستثنى مبني على الفتح في محل جر، ولا يصح هذا اعتبار الأداة، فعلًا ينصب المستثنى "الياء" إذ لو كانت الأداة فعلًا لوجب على المشهور الإتيان بنون الوقاية قبل ضمير المتكلم "الياء" تطبيقًا لما سبق في باب الضمير، ج ١ ص ١٩٢ م ٢١، بخلاف ما لو قلنا: حاشاني، أو عداني، أو خلاني؛ حيث يجب اعتبار الأداة فعلًا محضًا، والياء مفعول به، بسبب وجود نون الرقابة التي تلزم آخر الفعل عند اتصاله بياء المتكلم؛ طبقًا للرأي الغالب.
هذا كلامهم، وهو مدفوع بان نون الوقاية إنما تجيء في آخر الفعل عند اتصاله بباء المتكلم لتقيه، وتحفظه من الكسر الذي يجيء في آخره لمناسبة الياء التي تلحق بآخره، ولما كانت هذه الأدوات لا يلحقها الكسر عند اتصالها بالياء امتنع الداعي لمجيء نون الوقاية مجيئًا حتميًا، وصار الاستغناء عنها جائزًا؛ فيصح أن يقال: حاشاي، أو عداي، أو خلاي ... وفي هذه الصور يصح اعتبار الأداة فعلًا أو حرفًا، لعدم وجود ما يعينها لأحدهما دون الآخر.
نعم، لو قلنا: حاشاني، أو عداني، أو: خلاني ... لكان وجود نون الوقاية وجودها هنا جائز لا واجب، كما أسلفنا مرجحًا قويًا لاعتبار الأداة فعلًا، لكثرة هذه النون في الأفعال ... وقلتها في الحروف؛ مثل: مني وعني ...
وفيما سبق من أدوات الاستثناء التي تكون أفعالًا فقط، أو: التي تصلح لأن تكون أفعالًا، وحروفًا يقول ابن مالك، وقد خلطها:
واستثن ناصبًا "بليس وخلا" ... "وبعدا"، "وسيكون" بعد: "لا"
أي: استثن بالأدوات التي ذكرها، "وهي: ليس – خلا – عدا – يكون؛ بشرط وقوع "يكون" بعد "لا" النافية، ناصبًا المستثنى بها، وفي هذه الحالة التي تنصب فيها المستثنى يتعين أن تكون أفعالًا خالصة، ثم أردف قائلًا:
واجرر بسابقي "يكون" إن ترد ... وبعد: "ما" انصب، وانجرار قد يرد
=

<<  <  ج: ص:  >  >>