للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس عليها، وقد أولها النحاة ليصححوها؛ فقالوا: إن "ما" التي وقعت قبلها ليست مصدرية، ولكنها زائدة.

ولا خير في هذا التأويل؛ لأن العربي الذي نطبق بتلك الأمثلة لا يعرف "ما" المصدرية، ولا الزائدة، ولا شيئًا من هذه المصطلحات النحوية التي ظهرت أيام تدوين العلوم، وجمعها، وتأليفها ولا شأن له بها، هذا إلى أن التأويل السابق كشأن كثير من نظائره قد يخضع لغة قبيلة، ولهجتها لأخرى تخالفها من غير علم أصحابها، وهذا غير سائغ؛ كما أشرنا مرارًا.


= يقول: جر المستثنى بالأداتين السابقتين على "يكون"، إن شئت؛ وهما: "خلا وعدا"، وإن شئت فانصبه بعدها ويكون النصب واجبًا حين تسبقهما "ما"، ولم يذكر نوع "ما" قبلهما على اعتبارها زائدة، وأوضح بعد ذلك أنهما في حالة جرهما المستثنى يعتبران حرفي جر، وأنهما في حالة نصبه يعتبران فعلين:
وحيث جرًا فهما حرفان ... كما هما إن نصبا فعلان
ويلاحظ أنه أدخل "الفاء" على جملة: "هما حرفان" تنزيلًا للظرف: "حيث" منزلة الشرط على الوجه الذي شرحناه في موضعه المناسب ص ٢٧٤ "و" و٢٨٧ وهاشمها، أو على اعتبار: "حيث" شرطية بغير اتصالها "بما" الزائدة، تبعًا لرأي الكوفيين.
أما الظرف: "حيث" فمتعلق بعامل معنوي، هو: الإسناد أي: بالنسبة الواقعة بين ركني جملة تطبيقًا لما دونوه من أن شبه الجملة يتعلق بما في الجملة من فعل أو غيره مما يصح التعلق به، فإن لم يوجد ما يصلح فقد يتعلق بالنسبة "الإسناد"، وذلك كالنسبة المأخوذة من قول ابن مالك: "فهما حرفان" فالظرف "حيث" متعلق بالنسبة، أي تثبت حرفيتهما حيث جرا ... وسيجيء إشارة لهذا في باب حروف الجر عند الكلام على التعلق في رقم ٢ من هامش ص ٤٤١ كما سيجيء في ج ٤ م ١٥٧ ص ٣٥١ إشارة لإجراء الظرف مجرى الشرط ثم بين أن الأداة: "حاشا" شبيهة بالأداة: "خلا" في كل أحكامها، لكن لا تجيء: "ما" قيل: "حاشًا"، وأن فيها لغات أشهرها "حاش"، "حشا" حيث يقول:
وكخلا: حاشا، ولا تصحب "ما" ... وقيل: "حاش"، و"حشا"؛ فاحفظهما

<<  <  ج: ص:  >  >>