للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس من المثنى ما يأتي:

١- ما يدل على مفرد، مثل، نجم. ورجلان١. ولا مثل: شعبان، ومروان، وبحرين ... ، مما أصله مثنى ثم سمي به واحد٢.

٢- ما يدل على أكثر من اثنين، كالجمع، مثل: نجوم، وصنوان٣ ... وكاسم الجمع٤. مثل: قوم، ورهط ...

٣- ما يدل على اثنين٥ ولكنهما مختلفان في لفظيهما، مثل: الأبوين، للأب والأم. أو: مختلفان في حركات أحرفهما، كالعمرين: لعمر بن الخطاب، وعمرو بن هشام، المعروف: "بأبي جهل" أو مختلفان في المعنى دون الحروف وحركاتها، كالعينين، تريد بإحداهما العين الباصرة، وبالأخرى البئر٦، فلا يسمى شيء من هذا كله مثنى حقيقة، وإنما هو ملحق


١ بمعنى: ماش "غير راكب" تقول: على رجلان، أي: ماش، وليس براكب.
٢ سيجيء الكلام تفصيلا على حكم المثنى به في "جـ من ص ١٢٥.
٣ تقول: بعض الشجر صنوان، فهو جمع مفرده: صنو، والصنو: الشجرة التي تنشأ مع أختها في أصل واحد، فهما شجرتان، مشتركتان في الساق، وتنفصل كل واحدة عند أعلى الساق.
٤ تعريفه في رقم٢ من هامش ص١٤٨.
٥ سيجيء في -هـ- من ص١٥٨ أن المثنى قد يكون لفظه في ظاهره دالًا على التثنية ومعناه الجمع.
٦ وأمثال هذا، من كل لفظين مشتركين في الحروف، والحركات، تريد بأحدهما معنى، وبالآخر معنى يخالفه على سبيل الحقيقة، كالمثال السابق، أو على سبيل المجاز، مثل: "القلم أحد اللسانين". وتقول جمهرة النحاة: إن ذلك كله مقصور على ما ورد عن العرب، وسمع منهم. كما أن العمرين والأبوين وغيرهما مقصور عليهم، شأن كل اسمين يراد تثنيتهما مع وجود اختلاف بين مفرديهما، وأحدهما أهم من الآخر، فقد كان العرب يرجعون الأهم ويغلبونه بإجراء التثنية على لفظه وحده، ثم يجعلون معنى المثنى شاملًا لهما معًا، منطبقًا عليهما، وهذا ما يسمى: "التغليب" وما ورد منه ملحق بالمثنى، وليس مثنى حقيقة.
والخير أن يكون التغليب قياسيًّا عند وجود قرينة تدل على المراد بغير ليس: كما لو أقبل شخصان معروفان واسم أحدهما. محمد، والآخر علي، فقلت: جاء العليان أو المحمدان، لكثرة تلازمهما، أو شدة تشابههما في أمر واضح. وبهذا الرأي العملي النافع يقول بعض الباحثين القدامى والمحدثين، والأخذ به حسن ومفيد.
هذا، والشائع عند العرب تغليب الأقوى والأقدر "في التثنية كالأبوين". للأب والأم، وتارة يغلبون الأخف نطقا كالعمرين، لأبي بكر وعمر، وتارة يغلبون الأعظم في اتساعه أو ضخامته ... كقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ، هَذَا عَذْابٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُه، وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاج} . ففي الآية تغليب للبحر على النهر. كما يكثر عندهم تغليب المذكر على المؤنث، كقولهم: "القمران" في الشمر والقمر، والعاقل على غيره، ففي مثل: صالح والعصفور، يقال: الصالحان يغردان.... ولم يغلبوا المؤنث إلا في قليل من الحالات، أشهرها:
١- قولهم: ضبعان، يريدون: الضبع الأنثى وفحلها. "ويقال للأنثى "ضبع" ولفحلها ضبعان" فاختاروا اللفظ الخاص بالأنثى، وثنوه، وأطلقوه عليهما معا، تغليبا للأنثى. =

<<  <  ج: ص:  >  >>