للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجب إعرابه حالا، أما إذا وقع بعد نكرة غير محضة، أو معرفة محضة فيجوز


= على ما ذكرنا صار الظرف هو الخبر، والمعاملة معه "يريد أن الآثار اللفظية والمعنوية في الجملة قد انتقلت إليه"، وهو مغاير المبتدأ في المعنى، ونقلت الضمير الذي كان في الاستقرار إلى الظرف، وصار مرتفعًا به؛ كما كان مرتفعًا بالاستقرار؛ ثم حذفت الاستقرار، وصار أصلًا مرفوضًا لا يجوز إظهاره؛ للاستغناه عنه بالظرف، وقد صرح ابن جني بجواز إظهاره، والقول عندي أنه بعد حذف الخبر الذي هو الاستقرار، ونقل الضمير إلى الظرف لا يجوز إظهار ذلك المحذوف؛ لأنه قد صار أصلًا مرفوضًا، فإن ذكرته أولًا وقلت: زيد استقر عندك لم يمنع منه مانع.
واعلم أنك إذا قلت: "زيد عندك" فعندك ظرف منصوب بالاستقرار المحذوف؛ سواء أكان فعلًا: أم اسمًا، وفيه ضمير مرفوع، والظرف وذلك الضمير في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ، وإذا قلت: زيد في الدار، أو: من الكرام، فالجار والمجرور في موضع نصب بالاستقرار على حد انتصاب، "عندك" إذا قلت: زيد عندك، ثم الجار والمجرور والضمير المنتقل في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ... ا. هـ.
وهو يشير بقوله: "الجار والمجرور في موضع نصب بالاستقرار ... " إلى ما هو معروف في الاصطلاح النحوي من أن المجرور بحرف جر أصلي، وشبهه هو "مفعول به" في المعنى، وحرف الجر أداة لتوصيل أثر الفعل إليه "كما شرحنا أول الباب، ص ٤٣٩، وفيما سبقه من ص ١٥١ و ١٥٩ و ... ".
وعلى هذا يكون ما يدور على الألسنة اليوم عند الإعراب من أن الظرف، أو الجار مع مجروره هو الصلة، أو الصفة، أو الخبر، أو الحال ... أمرًا سائغًا مقبولًا، ورأيًا لبعض القدامى يحمل طابع التيسير والاختصار.
فإن وقع أحدهما في تلك المواضع فقد يتعلق بشيء مذكور يصلح للتعلق، كالفعل ونحوه ... وقد يتعلق بفعل محذوف أو بمشتق، أو غيره مما يصح التعلق به، ولا يتحتم أن يكون المحذوف فعلًا إلا حين يقع صلة، لغير "أل"؛ لأن الصلة لا تكون إلا جملة "والوصف المشتق مع مرفوعه ليس جملة، ولا يكون صلة لغير "أل"، كما عرفنا في باب الموصول، وكذلك يتحتم أن يكون فعلًا في حالة القسم الذي حذفه عامله؛ لأن جملة القسم أيضًا لا بد أن تكون فعلية كما سبق في ص٤٤٢.
ومما تجدر ملاحظته أن شبه الجملة بنوعيه "الظرف، والجار الأصلي مع مجروره" إذا تعلق بفعل مؤكد بالنون لم يجز أن يتقدم على هذا الفعل في الرأي المشهور دون الرأي الآخر طبقًا للبيان الذي سبق في رقم٣ هامش ص١٠١، وأشرنا إليه في أول ص٤٤٥.
وإذا أخذنا بهذا الرأي السهل اليسير كانت تسمية الظرف والجار مع مجروره "شبه جملة" إنما هي من قبيل الإبقاء على التسمية القديمة، ومراعاة أصلها السابق، أو: لأن كلا من الظرف والجار مع مجروره ليس مفردًا في الحقيقة، بل هو مركب؛ إذ يحمل معه الضمير المستتر الذي انتقل إليه من العامل المحذوف على الوجه الذي بسطناه.
أما التسمية القديمة وأصلها السابق فقد أوضحناهما من قبل بما ملخصه:
أن الظرف أو الجار مع المجرور ليس هو الخبر، ولا الصفة، ولا الصلة، ولا الحال، و ... =

<<  <  ج: ص:  >  >>