للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو: لعل الغائب قادم غدًا، فكلمة: "لعل" حرف جر شبيه بالزائد "الغائب" مجرور بها لفظًا في محل رفع مبتدأ، "قادم" خبره، غدًا ظرف زمان منصوب على الظرفية.

وأما "متى" فحرف جر أصلي١ ومعناه: الابتداء غالبًا نحو: قرأت الكتاب متى الصفحة الأولى حتى نهاية العشرين، أي: من ابتداء الصفحة الأولى ... فهي في تأدية هذا المعنى مثل "من الابتدائية".

إلى هذا انتهى الكلام على الحروف التي تستعمل قليلًا في الجر، مع قياس استعمالها.

وننتقل إلى الكلام على الحروف الكثيرة الاستعمال فيه، فنوضح المعاني القياسية لكل واحد، وما قد يتصل بعمله.

ويلاحظ ما سبق٢، وهو أن حرف الجر الأصلي حين يؤدي معنى فرعيًا من المعاني التي ستذكر لا بد أن يقوم في الوقت نفسه بتعدية عامله اللازم إلى مفعول به معنى٣، وهذا المفعول المعنوي هو الاسم المجرور بالحرف الأصلي.

من: حرف يجر الظاهر والمضمر، ويقع أصليًا وزائدًا ... ويتردد بين أحد عشر معنى:

١– التبعيض، أي: الدلالة على البعضية، وعلامتها: أن يكون ما قبلها


١ يستعمله قليل من العرب دون كثرتهم، ومن هذا القليل قبيلة: "هذيل"، ومن كلامهم: "أخرجها متى كمه: أي: من كمه، وقول شاعرهم أبي ذؤيب الهذلي في وصف السحب المتراكمة فوق لجج البحر:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج
يريد: من لجج ... النئيج: الصوت العالي وجاء في الهمع جـ٢ ص٣٤ ما نصه: "إنها تأتي بمعنى: "وسط" حكى: "وضعها متى كمه" أي: وسطه، وإذا كانت بمعنى "وسط" هي اسم أو "من" فحرف، جزم به ابن هشام وغيره". ا. هـ.
ويرى بعض النحاة كالفراء أنها عند "هذيل" مقصورة على الاسمية الخالصة، بمعنى: "وسط"، فإذا اقتصرنا على هذا الرأي فهي معربة، وإن جرينا على الرأي الذي يجعلها صالحة للاسمية والحرفية فهي مبنية، ومع جواز استعماله أسمًا أو حرفًا وقياسيته فيهما، لا ترتاح له الأذن اليوم، لغرابته.
٢ في ص ٤٣٨.
٣ انظر رقم٣ من هامش ص٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>