للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الغالب جزءًا من المجرور بها، مع صحة حذفها ووضع كلمة: "بعض" مكانها؛ نحو: خذ من الدراهم، وكقولهم: ادخر من غناك لفقرك، ومن قوتك لضعفك؛ فالمأخوذ بعض الدراهم، والمدخر بعض الغني والقوة، ويصح وضع كلمة: "بعض" مكان كلمة: "من"، ومثل هذا قول الشاعر:

وإنك ممن زين الله وجهه ... وليس لوجه زانه الله شائن

فالمخاطب جزء من الاسم المجرور بها؛ وهو: "من" الموصولة التي بمعنى "الذين"، وقد يكون ذلك الجزء متأخرًا عنها وعن الاسم المجرور بها، وفي اللفظ دون الرتبة؛ كقولهم: "إن من آفة المنطق الكذب، ومن لؤم الخلاق الملق"، فالكذب والملق متأخران في الترتيب اللفظي وحده، ولكنهما متقدمان في درجتهما؛ لأن كلًا منهما هو: "اسم إن"، والأصل في "اسم إن" تقدمه في الرتبة على خبرها١ ...

٢– بيان الجنس٢، وعلامتها: أن يصح الإخبار بما بعدها عما٣ قبلها؛ كقولهم: اجتنب المستهترين من الزملاء، فالزملاء فئة من جنس عام هو: المستهترون؛ فهي نوع يدخل تحت جنس "المستهترين" الشامل للزملاء وغير الزملاء. وكقولهم: تخير الأصدقاء من الأوفياء ... أي: الأصدقاء الذين هم جنس ينطبق على فئة منهم لفظ: "الأوفياء"، وهذا الجنس عام، يشمل بعمومه الأوفياء وغيرهم.

٣- ابتداء الغاية٤ في الأمكنة كثيرًا، وفي الأزمنة أحيانًا وهي في الحالتين


١ ومثل هذا المتأخر في اللفظ ما ورد في الأثر: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"، والأصل: إنما يرحم الله الرحماء من عباده.
٢ أي: بيان أن ما قبلها في الغالب جنس عام يشمل ما بعدها، فما قبلها أكثر وأكبر؛ كالمثال الأول الآتي، وقد يكون العكس، نحو: هذا السوار من ذهب، وهذا الباب من خشب، "وانظر رقم٥ من هامش ص٤١٦".
٣ له علامة أخرى: أن يصح حذف، "من" ووضع اسم مفعول مكانها مع ضمير يعود على ما قبلها، هذا إن كان ما قبلها معرفة، فإن كان نكرة فعلامتها أن يخلفها الضمير وحده؛ نحو: أساور من ذهب، أي: هي ذهب.
٤ معنى الغاية هنا رقم ما سيجيء في٢ من هامش ص٤٦٨: المسافة المكانية حينًا، والمقدار الزمني حينًا آخر، على حسب الياق، بيان هذا: أن الفعل وشبيهه المتعدي بمن الجارة له معنى يستمر قليلا أو طويلا، وابتداء هذا المعنى هو الاسم المجرور بمن، وهذا الاسم هو الدال على زمان أو مكان كما في الأمثلة التالية. وليس المراد معناها الحقيقي الذي هو آخر الشيء، فالتسمية هنا من تسمية الكل باسم الجزء.
ومعناها هنا قد يختلف عنه في الظروف على حسب ما هو مبين في رقم٢ من هامش ص٢٩٢م ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>