للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياسية، وهذا المعنى أكثر معانيها استعمالًا١؛ فمثال الأولى قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ؛ فابتداء مكان الإسراء هو المسجد الحرام، ونحو: جاءتني رسالة من فلان، فابتداء مكان المجيء هو فلان ...

ومثال الثانية قولهم: فلان ميمون الطالع من يوم ولادته، راجح العقل من أول نشأته ... فابتداء زمان اليمن هو يوم ولادته، وابتداء زمان رجاحة العقل هو أول نشأته.

٤– التوكيد، "ولا تكون معه إلا زائدة"، وزيادتها إما للنص على عموم المعنى وشموله كل فرد من أفراد الجنس، وإما لتأكيد ذلك العموم والشمول إذا كانا مفهومين من الكلام قبل دخولها، فالأول مثل: "ما غاب من رجل"، وأصل الجملة: ما غاب رجل، وهي جملة قد يفهم منها أن نفي المعنى منصب على رجل واحد دون ما زاد عليه، أي: أن رجلًا واحدًا هو الذي لم يغب، وأن من الجائز غياب رجلين أو رجال.

والسبب في اختلاف الفهم أن كلمة: "رجل" النكرة، ليست من النكرات الملازمة للوقوع بعد النفي، "وهي النكرات القاطعة في الدلالة على العموم والشمول بعد ذلك النفي، ويتحتم أن ينصب النفي الذي قبلها على كل فرد من أفراد مدلولها؛ وأن يمتنع معه الخلاف في الفهم؛ مثل: كلمة: أحد، وديار، وغريب، وإنما كلمة "رجل" من النكرات التي قد تقع بعد النفي، أو لا تقع، وإذا وقعت بعده لم تفد العموم والشمول الإفادة القاطعة التي تشمل كل فرد من الرجال إلا بقرينة، وإنما تفيدهما مع احتمال خروج بعض الأفراد من دائرة المعنى المنفي كما


١ ما معنى الحرف: "من" الداخل على المفضل عليه بعد أفعل التفضل؟ أمعناه: الابتداء أم المجاوزة؟ الجواب في رقم١ من هامش ص٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>