للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحسن في كلمة: "على" الجارة الأصلية إذا كانت للإضراب١ والإبطال عدم تعلقها هي ومجرورها بشيء؛ "لأنها في هذا الاستعمال بمنزلة: "لكن" التي تفيد الاستدراك" مع اعتبارها كحرف ابتداء لوقوعها في أول الجملة، وعلى هذا تكون "على" التي للإضراب والإبطال حرف جر واستدراك معًا٢ ...

وقد تستعمل: "على" اسمًا بمعنى: "فوق" ويكثر هذا بعد وقوعها مجرورة بالحرف "من"، فإنه لا يدخل إلا على الأسماء، نحو: تمر من على بلدنا الطائرات، أي: من فوق بلدنا٣، فقد خرجت من حرفيتها، وصارت اسمًا بمعنى "فوق"، كما نرى، وهذا قياسي كباقي استعمالاتها.

وإذا كان المجرور بها ضميرًا وجب قلب ألفها ياء٤؛ نحو: تقبل علينا وفود السائحين شتاء، وقول الشاعر:

إذا طلعت شمس النهار فإنها ... أمارة تسليمي عليك، فسلمى

فإن كان الضمير ياء المتكلم، وجب إدغام الياءين؛ نحو: علي أن أسعى للخير جاهدًا٥ ...


١ انظر ما يتصل بمعنى التعلق وبالإضراب في ص٤٣٧ و٤٣٩ وهامشها.
٢ ولا داعي للأخذ بالرأي الذي يقول: إنهما متعلقان بمحذوف هو خير لمبتدأ محذوف والتقدير: "التحقيق كائن على أن كذا وكذا ... "؛ لأن هذا الرأي مع صحته يحوي التعقيد، والتكلف، وكثرة المحذوف من غير داع، وقد كررنا وأوضحنا الأسباب أنه لا يصح الالتجاء إلى الحذف والتقدير، والتعسير بغير ضرورة قاسية، لا سبيل للتغلب عليها إلا من هذه الناحية، والرأيان في حاشية الأمير على الشذور ص١٥ عند الكلام على "ذي" إحدى الأسماء الستة، وكذلك في "المغني" ج١ عند الكلام على الحرف: "على، ونص كلام المغني: "وتعلق "على" هذه بما قبلها عند من قال به كتعلق "حاشا" بما قبلها عند من قال به؛ لأنها أوصلت معناها إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإراج، أو: هي خبر لمبتدأ محذوف: أي: "والتحقيق على كذا"، وهذا الوجه اختاره ابن الحاجب، قال: ودل على ذلك أن الجملة الأولى وقعت على غير التحقيق، ثم جيء بما هو التحقيق فيها". ا. هـ، كلام المغني.
٣ وقد أشار إلى هذا ابن مالك في بيت سيجيء في هامش ص٥١٧ عند كلامه على "الكاف" التي قد تقع اسمًا.
٤ وهي المكتوبة ياء، تبعًا لقواعد رسم الحروف.
٥ "ملاحظة": جاء في "الكامل" للمبرد جـ١ ص٢٧٠ أنه بعض العرب يحذف من آخرها اللام والياء إذا كان المجرور بها مبدوءًا "بأل"، ويحذف معها همزة "أل" كقول قطري بن الفجاءة:
غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم
يريد طفت على الماء القتلى من بكر ... وجاء على هامش الموضع السالف أن أولئك العرب تفعل ذلك كثيرًا في النثر والشعر. ا. هـ، لكن الأنسب اليوم عدم مجاراتهم، لما فيه من لبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>