للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبارة موجزة أغنت عن كلام كثير، وتكون التاء إما ساكنة ويوقف عليها بالسكون، وإما مفتوحة ويوقف عليها بالهاء.

حذف رب:

يجوز حذف "رب" لفظًا، مع إبقاء عملها ومعناها كما كانت، وهذا الحذف قياسي بعد "الواو"، و"الفاء"، و"بل"، ولكنه بعد الأول أكثر، وبعد الثاني كثير، وبعد الثالث قليل بالنسبة للحرفين الآخرين، نحو:

وجانب١ من الثرى يدعي الوطن ... ملء العيون، والقلوب، والفطن٢

ونحو: أن تسمع من يقول: "ما أعجب ما قرأته على صفحات الوجوه اليوم"، فتقول: "فحزين قضى الليل هما طلع النهار عليه بما بدد أحزانه، ومبتهج نام ليلة قريرًا، ثم أفاق على هم وبلاء"، ونحو: "بل حزين قد تأسى٣ بحزين"


١ "ملاحظة": هذا البيت أو قصيدة لشوقي، موضوعها: الوطن، والشائع في مثل هذه الصورة إعراب "الواو نائبة" عن "رب"، أو: يقال: "واو رب"، ويفر المعربون من اعتبارها: "عاطفة". . . أو شيئًا آخر، لكن جاء في كتاب: "تفسير أرجوزة أبي نواس" في تفريط الفضل بن الربيع، تأليف: أبي الفتح عثمان بن جني اللغوي المشهور، وإخراج الأستاذ بهجة الأثري، ص ٩ عند بيت أبي نواس:
وبلدة فيها زور ... صعراء تخطى في صعر
ما نصه الحرفي، قوله: "وبلدة" قيل في هذا الواو قولان، أحدهما: أنها للعطف، والآخر: أنها عوض من "رب"، فكأنهم إنما هربوا أن يجعلوها عاطفة؛ لأنها في أول القصيدة وأول الكلام لا يعطف، ولا يمتنع العطف على ما تقدم من الحديث والقصص؛ فكأنه كان في حديث ثم قال: وبلدة؛ "فكأنه وكل الكلام إلى الدلالة في الحال، ونظير هذا قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ، وإن لم يجر للقرآن ذكر، وكذلك قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} يعني: الشمس، فأضمرها وإن لم يجر لها ذكر، وهذا في كلام العرب واسع فاش". ا. هـ، كلام ابن جني.
ويوضحه بل يؤيده ويقويه ما جاء في "المغني ج٢" عند كلامه على "الواو المفردة" الجارة، وقد أشرنا لكل ما سبق في ج٣ باب: العطف "م١٢٠" عند الكلام على حذف المعطوف عليه بقي السؤال: هل هناك مانع أن تكون الواو في مثل ما سبق للاستئناف؟ لا أرى مانعًا.
٢ ومن هذا قول الشاعر:
ومستعبد إخوانه بثرائه ... لبست له كبرًا أبر على الكبر
"أبر = زاد وتغلب".
٣ تسلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>