وهناك سبب آخر يؤيد أصحاب هذا المذهب الثاني؛ هو أن الباحثين متفقون على أن المجاز إذا اشتهر معناه في زمن ما، وشاع بين الناطقين به، انتقل هذا المجاز إلى نوع جديد آخر يسمى:"الحقيقة العرفية"، "ولها بحث مستفيض في مكانها من أبواب علم البلاغة"، ومن أشهر أحكامها: أنها في أصلها مجاز قائم على ركنين أساسيين: علاقة بين "المشبه والمشبه به"، و"قرينة"، تمنع من إرادة المعنى الأصلي، فإذا اشتهر المجاز في عصر أي عصر١، وشاع استعماله مع وضوح المراد منه، تناسى الناس أصله، واختفى ركناه، واستغني عنهما وعن اسمه، ودخل في عداد نوع جديد يخالفه، يسمى:"الحقيقة العرفية" فلو سلمنا أن حرف الجر لا يؤدي إلا معنى واحدًا أصليًا، وأن ما زاد عليه ليس بأصلي، لكان بعد اشتهاره وشيوعه في المعنى الجديد داخلًا في الحقيقة العرفية، وهي ليست بمجاز في صورتها الحالية الواقعة، لا في الصورة السابقة، المتروكة نهائيًا، المنسية كأن لم تكن.