للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه معنى جزئي؛ "أيْ: مفرد"؛ فكلمة: "فم" حين نسمعها، لا نفهم منها أكثر من أنها اسم شيء معين. أما حصول أمر من هذا الشيء، أو عدم حصوله ... ، أما تكوينه، أو وصفه، ببناء أو إعراب١..... أو دلالته على زمان أو مكان، أو معنى آخر -فلا نفهمه من كلمة: "فم" وحدها.

وكذلك الشأن فى كلمة: "عين"، و"منزل" وغيرهما من باقي الكلمات المفردة.

ولكن الأمر يتغير حين نقول: "الفم مفيد" -"العين نافعة"- "المنزل واسع النواحي"، فإن المعنى هنا يصير غير جزئي؛ "أي: غير مفرد"؛ لأن السامع يفهم منه فائدة وافية إلى حدّ كبير، بسبب تعدد الكلمات، وما يتبعه من تعدد المعاني الجزئية، وتماسكها، واتصال بعضها ببعض اتصالًا ينشأ عنه معنى مركب. فلا سبيل للوصول إلى المعنى المركب إلا من طريق واحد؛ هو: اجتماع المعاني الجزئية بعضها إلى بعض، بسبب اجتماع الألفاظ المفردة التي لكل لفظ منها معنى جزئي.

ومن المعنى المركب تحدث تلك الفائدة التي: "يستطيع المتكلم أن يسكت بعدها، ويستطيع السامع أن يكتفي بها". وهذه الفائدة -وأشباهها- وإن شئت فقل: هذا "المعنى المركب"، هو الذى يهتم به النحاة، ويسمونه بأسماء مختلفة، المراد منها واحد؛ فهو: "المعنى المركب، أو: "المعنى التام أو: "المعنى المفيد" أو: "المعنى الذى يحسن السكوت عليه" ...

يريدون: أن المتكلم يرى المعنى قد أدى الغرض المقصود فيَستحسن الصمت، أو: أن السامع يكتفي به؛ فلا يستزيد من الكلام. بخلاف المعنى الجزئي، فإن المتكلم لا يقتصر عليه فى كلامه؛ لعلمه أنه لا يعطي السامع الفائدة التي ينتظرها من الكلام. أو: لا يكتفي السامع بما فهمه من المعنى الجزئي، وإنما يطلب المزيد. فكلاهما إذا سمع كلمة منفردة مثل: باب، أو: ريَحان، أو: سماء، أو: سواها ... لا يقنع بها.


١ يقول الخضري- ص ١ جـ ٢ أول باب. الإضافة - ما نصه: "إن الكلمة قبل التركيب - أي قبل تركيبها مع غيرها. لا معربة ولا مبنية فوصف الحركة بكونها إعرابًا أو بناء متأخر عن وجود الكلمة وعن تركيبها" أهـ.
فلا يصحح الحكم عليها بالبناء أو الإعراب إلا بعد وضعها في جملة- كما سبق، وكما سيجيء في ص ٧٥- وهناك كلمات أخرى لا توصف بإعراب ولا بناء كالتي ستجيء في "جـ" من ص ١٠٦ وتفصيل الكلام عليها في "جـ" ٣ باب النعت م ١١٤ ص ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>