للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف نسد باب التضمين في اللغة، وهو يرجع إلى أصول ثابتة فيها؟.

وأقول بعد هذا: لا بد من قيود نضبط بها استعمال التضمين، وقد رأى بعض الزملاء أن يقصر التضمين على الشعر، وفي هذا قصر للحقيقة، أو للمجاز، أو للكناية؛ وهي الأصول التي يخرج عليها التضمين على فن من الكلام دون آخر، وهذه الأمور الثلاثة تقع في الشعر والنثر بلا قيد ولا شرط.

على أن الشعر من أكثر فنون القول ذيوعًا، والناس يحفظون الشعر ويجرون على أساليبه في الكتابة والخطابة، فإن أجزنا التضمين في الشعر وحده، وقعنا في الأمر الذي نفر منه، ونحن هنا نقرر الحقائق العلمية، ونرجع منها ما يستحق الترجيح تحقيقًا لأغراضنا.

انتهى البحث.

حضرة رئيس الجلسة: يتفضل الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين بتلاوة بحثه في التضمين١.

حضر العضو المحترم الأستاذ الخضر حسين: للتضمين غرض هو الإيجاز. وللتضمين قرينة، هي تعدي الفعل بالحرف وهو يتعدى بنفسه، أو تعديته بنفسه وهو يتعدي بالحرف، وللتضمين شرط هو وجود مناسبة بين الفعلين, وكثرة وروده في الكلام المنثور والمظلوم تدل على أنه أصبح من الطرق المفتوحة في وجه كل ناطق بالعربية، متى حافظ على شرطه؛ وهو؛ مراعاة المناسبة.

فإذا لم توجد بين الفعلين العلاقة المعتبرة في صحة المجاز كان التضمين باطلًا. فإذا وجدت العلاقة بين الفعلين ولم يلاحظها المتكلم، بل استعمل فعل: "أذاع" مثلًا متعديًا بحرف الباء على ظن أنه يتعدى بهذا الحرف لم يكن كلامه من قبيل التضمين، بل كان كلامه غير صحيح عربية.

فالكلام الذي يشتمل على فعل عدي بحرف وهو يتعدى بنفسه، أو عدي بحرف وهو يتعدى بغيره، يأتي على وجهين:


١ وهو البحث الثاني في الموضوع نفسه قد استمع له الأعضاء في الجلسة ذاتها بعد الأول، كما أشرنا في هامش ص٥٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>