للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرار:

"التضمين أن يؤدي فعل أو ما في معناه في التعبير مؤدى فعل آخر أو في معناه، فيعطى حكمه في التعدية واللزوم".

ومجمع اللغة العربية يرى أنه قياسي لا سماعي، بشروط ثلاثة:

الأول: تحقق المناسبة بين الفعلين.

الثاني: وجود قرينة تدل على ملاحظة الفعل الآخر، ويؤمن معها اللبس.

الثالث: ملاءمة التضمين للذوق العربي.

ويوصي المجمع ألا يلجأ إلى التضمين إلا لغرض بلاغي".

فوافق أكثر حضرات الأعضاء على هذا النص١.


١ الذي ألاحظه في هذا القرار أن شروط "التضمين" المذكورة هي الشروط البلاغية المعروفة في المجاز، حتى الشرط الثالث، فقد نص عليه القدامى لإبعاد المجاز عن القبح، وإلى المجاز ترتاح النفس أكثر من غيره، وهو رأي كثير من أئمة القدماء، فلم العناء، والكد، والجدل العنيف بين المذاهب المتعددة التي تضمنها البحثان المجمعيان؟ وشيء آخر أهم من اعتباره مجازًا، هو أن تلك المذاهب على تشعبها وعنفها لم تستطع أن تثبت في جلاء ويقين، أن اللفظ الوارد قديمًا الذي جرى فيه "التضمين" ليس حقيقة لغوية أصيلة، وأنه تضمن حقًا معى لفظ آخر، فأدى "التضمين" إلى تعدية الأول أو لزومه من طريق العدوى الناشئة من الاتصال والمناسبة بينهما، نعم لم تستطع نفي الحقيقة الأصيلة عنه، وإثبات ما يسمونه: "التضمين"؛ لأن تلك التعدية أو ذاك اللزوم الحادثين من العدوى لا يصلحان دليلًا مقنعًا على وقوع "التضمين": لأنها عدوى وهمية، إذ قد يكون اللفظ الذي دخله التضمين في وهمهم هو في أصله لازم أو متعد من غير علاقة له بلفظ آخر تؤثر فيه.
لقد ورد إلينا اللفظ لازمًا أو متعديًا في كلام قديم كثير يحتج به، فما الدليل القوي على أن تعديته، أو لزومه ليست أصيلة من أول أمرها، وليست مجازًا، وإنما جاءت من الطريق الذي يسمونه: "التضمين"؟ ليس في كلامهم مقنع فيما أرى بل أن اللفظ اللازم أو المتعدي إذا ورد مسموعًا بإحدى هاتين الحالتين في كلام قليل، ولكنه صحيح فصيح كان وروده هذا أصيلًا في الحقيقة اللغوية، ولا يخرجه عن أنه معنى حقيقي كثرة وروده في كلام آخر مسموع يشيع فيه معنى مغاير؛ لأن الحكم على اللفظ بالخروج عن معناه الحقيقي ليس راجعًا إلى قلة استعماله في صورة، وكثرة استعماله في صورة أخرى، وإنما يرجع إلى وجود دليل على أن أحد الاستعاملين أسبق وجودًا عند العرب وأقدم ميلادًا، فالأسبق وحده هو الحقيقي، وأنهم يريدون منه معنى محدودًا دون غيره، ولا اعتبار لغير "الأسبقية" هنا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>