لقد ورد إلينا اللفظ لازمًا أو متعديًا في كلام قديم كثير يحتج به، فما الدليل القوي على أن تعديته، أو لزومه ليست أصيلة من أول أمرها، وليست مجازًا، وإنما جاءت من الطريق الذي يسمونه: "التضمين"؟ ليس في كلامهم مقنع فيما أرى بل أن اللفظ اللازم أو المتعدي إذا ورد مسموعًا بإحدى هاتين الحالتين في كلام قليل، ولكنه صحيح فصيح كان وروده هذا أصيلًا في الحقيقة اللغوية، ولا يخرجه عن أنه معنى حقيقي كثرة وروده في كلام آخر مسموع يشيع فيه معنى مغاير؛ لأن الحكم على اللفظ بالخروج عن معناه الحقيقي ليس راجعًا إلى قلة استعماله في صورة، وكثرة استعماله في صورة أخرى، وإنما يرجع إلى وجود دليل على أن أحد الاستعاملين أسبق وجودًا عند العرب وأقدم ميلادًا، فالأسبق وحده هو الحقيقي، وأنهم يريدون منه معنى محدودًا دون غيره، ولا اعتبار لغير "الأسبقية" هنا. =