للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع، لقلت "أشياع"، وإن لم تسمع ذلك، لكنك سمعت: "نطع وأنطاع" و "ضلع وأضلاع"، وكذلك لو احتجت إلى تكسير: "دمثر"١ لقلت: "دمثر"؛ قياسًا على: "سبطر وسباطر".

وكذلك قولهم: إن كان الماضي على "فعل"، فالمضارع منه على يفعل: فلو أنك على هذا سمعت ماضيًا على فعل، لقلت في مضارعه يفعل، وإن لم تسمع ذلك، كأن يسمع سامع ضؤل، ولا يسمع مضارعه؛ فإنه يقول فيه يضؤل، وإن لم يسمع ذلك، ولا يحتاج أن يتوقف إلى أن يسمعه؛ لأنه لو كان محتاجًا إلى ذلك لما كان لهذه الحدود والقوانين التي وضعها المتقدمون، وعمل بها المتأخرون معنى يفاد، ولا غرض ينتحيه الاعتماد، لكان القوم قد جاءوا بجميع المواضي والمضارعات، وأسماء الفاعلين، والمفعولين، والمصادر، وأسماء الأزمنة، والأمكنة، والأحادي والثنائي، والجموع والتكابير، والتصاغير٢، ولما أقنعهم أن يقولوا: إذا كان الماضي كذا وجب أن يكون المضارع كذا، واسم فاعله كذا، واسم مفعوله كذا، واسم مكانه كذا، واسم زمانه كذا؛ ولا قالوا: إذا كان المكبر كذا فتصغيره كذا، وإذا كان الواحد كذا فتكسيره كذا دون أن يستوفوا كل شيء من ذلك، فيوردوه لفظًا منصوصًا معينًا، لا مقيسًا ولا مستنبطًا كغيره من اللغة؛ التي لا تؤخذ قياسًا ولا تنبيهًا؛ نحو: دار، وباب، وبستان، وحجر، وضبع، وثعلب، وخزز، لكن القوم بحكمتهم وزنوا كلام العرب فبوجدوه ضربين: أحدهما: ما لا بد من تقبله كهيئته لا بوصية فيه، ولا تنبيه عليه؛ نحو: حجر، ودار، وما تقدم.

ومنه: ما وجدوه يتدارك بالقياس، وتخف الكلفة في عمله على الناس، فقننوه وفصلوه، إذا قدروا على تدراكه من هذا الوجه القريب، المغني عن المذهب الحزن٣ البعيد، وعلى ذلك قدم الناس في أول المقصور والممدود ما يتدارك بالقياس والأمارات، ثم أتبعوه ما لا بد له من السماع والروايات، فقالوا: المقصور من حالة كذا، ومن صفته كذا؛ والممدود من أمره كذا، ومن سببه كذا، وقالوا:


١ الجمل الكثير اللحم.
٢ أي: كان واجبًا عليهم أن ينصوا على كل كلمة من هذه الجزئيات إذا كانت القواعد لا تغني، كما قد يتوهم بعض الغافلين.
٣ الصلب الصعب من الأرض؛ كالحجارة والصخور.

<<  <  ج: ص:  >  >>