للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المؤنث الذي فيه علامات التأنيث كذا، وأوصافه كذا، ثم لما أنجزوا ذلك قالوا: ومن المؤنث الذي روى رواية كذا وكذا، فهذا في الوضوح على ما لا خفاء به.

فلما رأى القوم كثيرًا من اللغة مقيسًا منقادًا وسموه بمواسمه، وغنوا بذلك عن الإطالة والإسهاب فيما ينوب عنه الاختصار والإيجاز، ثم لما تجاوزوا ذلك إلى ما لا بد من إيراده، ونص ألفاظه ألتزموا وألزموا كلفته؛ إذ لم يجدوا منها بدًا، ولا عنها مصرفًا.

ومعاذ الله أن ندعي أن جميع اللغة تتسدرك بالأدلة وقياسًا، لكن ما أمكن ذلك فيه قلنا به، ونبهنا عليه، كما قبلنا، ممن نحن له متبعون، وعلى مثله وأضاعه حاذون، فأما هجنة الطبع، وكدورة الفكر، وجمود النفس وخيس١ الخاطر، وضيق المضطرب، فنحمد الله على أن حماناه، ونسأله سبحانه أن يبارك لنا فيما آتاناه، ويستعملنا به فيما يدني منه، ويوجب الزلفة لديه، بمنه". ا. هـ.

هذا البحث النفيس لابن جني يذكرنا بماله من آراء جليلة أخرى، تتصل منها بموضوعنا قوله٢:

"حكى لنا أبو علي عن ابن الأعرابي، أظنه قال: يقال: درهمت الخبازى، أي: صارت كالدرهم، فاشتق من الدرهم، وهو اسم أعجمي.

وحكى أبو زيد: رجل مدرهم، ولم يقولوا منه: "درهم" إلا أنه إذا جاء اسم المفعول، فالفعل نفسه حاصل في الكف٣، ولهذا أشباه. . .". ا. هـ.


١ الخيس: الخطأ، أو الضلال.
٢ في كتابة: "الخصائص" ج١ ص٣٦٢ باب: "أن ما قيس على كلام العرب، فهو من كلام العرب".
٣ يريد: أنه ميسور، كأنه في يد من يريده، لا يتعب في البحث عنه، ولا في معرفة أنه مسموع، أو غير مسموع، بل يستعمله من غير تردد ولا رجوع إلى مراجع لغوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>