للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاعل للزمن المستقبل. وكقولهم: من تراه جاحد النعمة الساعة تراه فاقدها غدًا. ويدخل في اسم الفاعل صيغ١ المبالغة العاملة أيضًا؛ كقولهم: في هذا الشهر يتفرغ فلان للعبادة؛ فتراه صوام الفم نهارًا عن الطعام، حذر اللسان من اللغو، حبيس النفس عن الهوى. ومثال اسم المفعول: مجهول القدر اليوم قد يصير معروف المكانة غدًا.. ومثال الصفة المشبهة قولهم:

عزيز النفس من يأبى الدنايا

فإن فقد المضاف أحد الشرطين كانت الإضافة محضة؛ كأن يفقد الوصفية لكونه اسمًا جامدًا، غير مؤول بالمشتق؛ كالمصدر في نحو: بذل الودَّ والنصيحة لمن لا يستحقها كبذر الحب في الصخر الأصم. أو يفقد العمل دون الوصفية بسبب أنه من المشتقات التي لا تعمل مطلقًا؛ "كأسماء الزمان، والمكان والآلة". أو يكون في أصله من المشتقات العاملة، ولكنه فقد شرطًا من شروط العمل؛ فلا يعمل؛ كاسم الفاعل واسم المفعول إذا كانا للماضي٢ الخالص دون دلالة على الحال والاستقبال، نحو: باذل الخير أمس يسعد اليوم بما قدم، وماضي أعماله عنوان صفحته التي كان بها مسرورًا أو محزونًا.

أثر الإضافة غير المحضة:

لا تأثير لها في المعني في أغلب الأحيان؛ لأنها ليست على نية حرف من حروف الجر الثلاثة التي يفيد كل منها الفائدة التي أوضحناها فيما سلف٣ ولأنها لا تكسب المضاف تعريفًا ولا تخصيصًا، والتعريف والتخصيص


١ لها بحث خاص يجيء في ص٢٥٧.
٢ وكذلك إن لم يدلَّا على زمن مطلقًا، فعند عدم دلالتها على الزمن وخلو الأسلوب مما يدل عليه تكون إضافتهما محضة، كما تقدم في ص٥.
٣ في ص١٦، والذي يدل على أنها ليست على نية حرف الجر إمكان الاستغناء عنها في كل أسلوب من أساليبها من غير أن يتأثر معناه، -في الأغلب- ومن غير أن تزاد عليه كلمة، أو تنقص منه، أو يتغير ترتيب كلماته. ويتلخص هذا الاستغناء, بألا نطلق على الوصف اسم: "المضاف" ولا نطلق على معموله اسم المضاف إليه؛ وإنما نعرب الوصف على حسب حاجة الجملة، من غير تسميته مضافًا، ولا نجعل المضاف إليه المجرور معمولًا للوصف؛ إما فاعلًا له مرفوعًا، وإما مفعولًا به على حسب حاجة الوصف، ويزول الجر السابق. فهذه الإضافة غير لازمة، ولا دائمة، ولا يتأثر في الأغلب –المعنى المعين بوجودها أو بالعدول عنها؛ بل إن العدول عنها هو الأصل "كما في ص٣٤" لأن الوصف شبيه بالفعل، يعمل عمله، من الرفع أو النصب، والفعل لا يعمل الجر، فكذا ما يشبهه؛ بخلاف المحضة فهي لازمة لأداء المعنى المراد، ولا سبيل للمحافظة عليه إلا بتغيير يتناول الأسلوب في كلماته، أو ترتيبها، أو فيهما معًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>