للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الصفة المشبهة تصاغ من الفعل اللازم؛ فهي كفعلها لا تنصب المفعول به فإذا وقع بعدها معمولها وكان نكرة منصوبًا أعرب "تمييزًا"، أو: "شبيهًا بالمفعول به"، وإن كان معرفة أعرب شبيهًا بالمفعول به؛ كالكلمات الثلاثة السالفة؛ فإنها لا تصلح تمييزًا؛ لعدم تنكيرها. فضبطها بالنصب -مع جوازه- يؤدي إلى ما يسمى: "الشبيه بالمفعول به". وهذا النوع قد يختلط أمره على كثير؛ فيقع في وهمهم أنه مفعول به، مع أنه ليس بالمفعول به الصريح.

وإذا كان الرفع والنصب قبيحين في تلك الكلمات -ونظائرها- فإن الجر بالإضافة خالٍ من ذلك القبح، وفيه ابتعاد عما يستكره١ كقول الشاعر:

وإذا جميل الوجه لم ... يأت الجميل فما جماله؟

ولما كانت فائدة هذه الإضافة مقصورة على التخفيف بحذف التنوين ونوني المثنى وجمع المذكر السالم، من آخر المضاف، وعلى التحسين المترتب على إزالة القبح، وهما أمران لفظيان -سميت: "إضافة لفظية"؛ لوقوع أثرها المباشر على الألفاظ دون المعاني؛ إذ أنها -في الأغلب- لا تؤثر في المعاني؛ كما سبق "فلا تفيد المضاف تعريفًا، ولا تخصيصًا، ولا تتضمن معنى حرف من حروف الجر الثلاثة المعروفة ... " وقد يسمونها –لهذا-: "الإضافة المجازية"٢؛ لأنها لغير الغرض الحقيقي من الإضافة، وهو الغرض المعنوي الذي أوضحناه.

أما تسميتها: "بغير المحضة" فلأن المضاف فيها لا بد أن يكون في


١ هذا تعليل نحوي. وهو –على حسنة المصنوع- ليس مقنعًا. والتعليل الحق هو الاستعمال العربي المأثور، الذي يتغلب فيه الجر على الرفع والنصب في تلك الأمثلة ونظائرها. أما العرب أهل اللغة الأصيلة فلا علم لهم بشيء مما نحن بصدده، "من مفعول، وشبهه، وعائد ورابط، وصفة مشبهة، ... و ... " ولو أنهم نطقوا بالمعمول مرفوعًا أو منصوبًا أكثر من نطقهم به مجرورًا لكان التعليل الحق -لاستحسان الرفع والنصب- هو محاكاة العرب ليس غير.
٢ كما أشرنا في رقم ١ من هامش ص٣ وفي ص٢٣، ويقولون: ليس المراد "بالمجازية" أنها بمعنى "المجاز" المعروف في البلاغة، الذي يحتاج إلى علاقة وقرينة ... وإنما المراد أنها إضافة في الظاهر والصورة، لا في الحقيقة والمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>