للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأغلب١ وصفًا عاملًا -كما سبق- وأكثر الأوصاف العاملة يرفع ضميرًا مستترًا عند الإضافة. وهذا الضمير المستتر -برغم استتاره- يفصل بين الوصف المضاف، ومعموله المضاف إليه، ويجعل الإضافة غير خالصة الاتصال، وغير متمكنة من أداء مهمتها بسبب الفاصل؛ إذ الأصل الغالب في الإضافة الأصيلة ألا يقع بين طرفيها فاصل يضعف قوة الارتباط والاتصال بينهما.

وشيء آخر؛ هو أنه يمكن العدول عن الإضافة اللفظية، بالرجوع إلى الأصل الذي كان قبلها من غير أن يتأثر المعنى -في الأكثر- وذلك بجعل المضاف إليه معمولًا مرفوعًا، أو منصوبًا، على حسب حاجة الوصف بعد إزالة تلك الإضافة؛ ولهذا يصفونها بأنها على: "نية الانفصال، يريدون: أنها في النية والتقدير ليست موجودة، وليست ملحوظة؛ لأن الذي يلحظ ويعتبر موجودًا تتجه إليه النفس هو الأصل الأصيل؛ ففي مثل: "الصديق خالص النصح" -بالإضافة- يكون التقدير الملحوظ في النفس هو: "الصديق خالص النصح"، والمعنيان متحدان. ولكن الأسلوب الثاني الخالي من الإضافة هو الأصل الذي يُنوَى ويلاحظ؛ بسبب اعتبار الوصف شبيهًا بالفعل في بعض نواحيه التي منها العمل. والفعل يرفع دائمًا، وقد يرفع وينصب، وهو في كل حالاته لا يعمل الجر، فالأنسب فيما يشبهه أن يكون كذلك، والمخالفة -لداعٍ أقوى- هي مخالفة للأصل، والداعي لها أمر طارئ له اعتباره، ولكنه لا ينسينا الأصل الأول المكين، ومن ثم كان هو الملحوظ مع وجود الإضافة غير المحضة، وكانت معه على نية الانفصال٢.

مما تقدم يتضح -مرة أخرى- السبب في تسمية النوع الأول: "بالإضافة المحضة أو: "المعنوية أو: "الحقيقية"٣ وما يترتب على هذا من آثار مختلفة، منها: عدم زيادة "أل" في أول المضاف، في حين يجوز -أحيانًا-


١ انظر رقم ١ من هامش ص٦.
٢ ينطبق على هذا التعليل ما سبق في رقم ١ من هامش الصفحة الماضية.
٣ سبق إيضاح آخر لهذا في رقم ١ من هامش ص٣ وفي ص٢٤ وص٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>