للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرى١؛ فقد قالوا: إن الاستمرار "أو: الدوام" يحتوي على الأزمنة الثلاثة دائمًا. لكن قد توجد قرينة تقوي جانب الزمن الماضي على غيره -وللقرينة المقام والاعتبار الأول دائمًا- فتضاف الصفة وتعمل الجر مع تلك القرينة؛ إذ تتغلب الإضافة، وتكتسب الصفة التعريف من المضاف إليه؛ ككلمة: "مالك" في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ... فكلمة: "مالك" وصف مشتق؛ زمنه يشمل الماضي، والحال، والمستقبل؛ لأن الله مُتَّصف بصفة التملك في جميع الأزمان. وقد وجدت قرينة تدل على تغليب الزمن الماضي؛ فصارت الإضافة بسببها محضة٢؛ وهذه القرينة هي: أن كلمة: "مالك" نعت للفظ الجلالة: "الله" وهو أعرف المعارف، فلا يمكن أن يكون نعته نكرة؛ فلا بد أن تكون كلمة: "مالك"، معرفة. فمن أين جاءها التعريف؟ لا سبيل لاكتسابها التعريف إلا من المضاف إليه، وقد اكتسبه أيضًا من الإضافة إلى ما بعده. وكل هذا يقتضي أن تكون إضافة الصفة هنا محضة.

ولو أعربنا كلمة: "مالك" بدلًا، أو: عطف بيان؛ لكان في هذا الإعراب -مع جوازه- عدول عن الظاهر الشائع؛ وهو: إعراب المشتق نعتًا، لا بدلًا، ولا عطف بيان؛ إذ يغلب على الأول الاشتقاق، وعلى الأخيرين الجمود -كما تقدم٣- هذا إلى أن إضافة الوصف إلى الظرف الدال بالقرينة على المضي أو على الدوام محضة٤، عند جمهور النحاة.

أما إذا تغلب جانب الحال أو الاستقبال، بأن قامت قرينة تؤيد أحدهما فالإضافة غير محضة؛ فلا يتعرف بها الوصف، ولا يتخصص، ويجوز إزالتها، وإعمال الوصف في معموله عملًا آخر غير الجر؛ كقراءة من قرأ قوله تعالى:


١ انظر ص٦ و٣٠٧.
٢ لما سبق في: "د" من ص٥ من أن إضافة المشتق الماضي الزمن محضة.
٣ في رقم ٥ من هامش ص٥ ويجيء في ص٦٦٥.
٤ وقد سبقت الإشارة لهذا في "و" ص٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>