للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما قياسية تلك الإضافات الملحقة بغير المحضة، أو عدم قياسيتها، فكثرة النحاة تقصرها على المسموع، ولا تبيح فيها القياس. إلا الكوفيين فيبيحون القياس على المسموع، بشرط اختلاف لفظي المضاف والمضاف إليه، بحجة أن الوارد من تلك الإضافات كثير كثرة تكفي للقياس عليه، وأن الحاجة قد تدعو لاستخدام القياس؛ للانتفاع بفائدة تلك الإضافات المتعددة الأنواع، فإنها لا تخلو من فائدة معنوية –كالإيضاح مع التوكيد-، برغم أن هذه الفائدة المعنوية تختلف -نوعًا ومقدارًا- عن الفائدة المعنوية التي للإضافة المحضة١ ...

ورأي الكوفيين سديد مفيد. وفي الأخذ به هنا تيسير محمود تتطلبه حياة الناس كما طلبته قديمًا. لكن من المستحسن -وبخاصة القسم الثاني- أن نأخذ به في أضيق الحدود؛ حين تشتد إليه الحاجة، وتقوم قرينة على بيان المراد منه، بحيث لا يشوبه لبس أو غموض.

وقد صرح بعض كبار النحاة باستحسان الرأي الكوفي، ففي شرح شواهد العيني للبيت المرقوم "٤٤٨" وهو الذي سبق هنا في الإضافة الخامسة "ص٤٥" وصدره:

"فقلت: انجُوَا عنها نجا الجلد إنه ... "

ما نصه:

"الشاهد في: "نجا الجلد" حيث أضاف المؤكَّد إلى المؤكِّد؛ لأن "النجا" -بالقصر- هو الجلد. والأحسن ما قاله الفراء: إن العرب تضيف الشيء إلى نفسه عند اختلاف اللفظين كقوله تعالى: ... {حَقُّ اليَقِينِ} ٢.."ا. هـ.

وقال الأشموني عند الكلام على بيت ابن مالك٣:

ولا يضاف اسم لما به اتحدْ ... معنى، وأوِّلْ موهمًا إذا وردْ

ما نصه: "لا يضاف اسم لما اتحد به معني؛ كالمرادف مع مرادفه؛


١ ومع أن السماع يؤيدهم يزيدون فيستخدمون "قياس التنظير" فيقولون: إن العرب أجازت عطف الشيء على نفسه إذا اختلف اللفظان: كقول قائلهم:
وألقي قولها كذبًا ومينًا
والمين هو الكذب. والأصل في عطف النسق المغايرة. والمضاف والمضاف إليه كالمعطوف والمعطوف عليه؛ لهذا قال: "ياسين" في هذا الموضع من حاشيته على "التصريح": "إنهم استدلوا بالسماع والقياس، ووافقهم في التسهيل" ا. هـ.
ولما تقدم إشارة في رقم ٨ من ص٦٦٠.
٢ انظر رقم ٤ من هامش ص٥١.
٣ ستجيء له إشارة أخرى في هامش ص٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>