للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والموصوف مع صفته؛ لأن المضاف يتخصص أو يتعرف بالمضاف إليه؛ فلا بد أن يكون غيره في المعنى؛ فلا يقال، قمح بر، ولا رجل فاضل، ولا فاضل رجل. وإذا جاء من كلام العرب ما يوهم جواز ذلك وجب تأويله؛ فمما أوهم إضافة الشيء إلى مرادفه قولهم: "جاءني سعيد كرز". وتأويله: أن يراد بالأول المسمى، وبالثاني الاسم؛ أي: جاءني مسمى هذا الاسم١. ومما أوهم


١ للاسم مع المسمى حالات مختلفة؛ فقد يكون الاسم هو المسمى نفسه وذاته، وقد يكون غير المسمى، و ... ، عرض لتفصيل الكلام على هذا الموضوع تفصيلًا وافيًا ابن السيد البطليموسي الأندلسي في رسالة خاصة نقلتها: "مجلة المجمع اللغوي بدمشق"، في الجزء الثاني من مجلدها السابع ولأربعين ص٣٣٣، وعنها نقلنا النص التالي: "الباب الأول: في تبييين كيف يكون الاسم غير المسمى ... ، إن الاسم الذي يقال إنه غير المسمى هو الاسم الذي يراد به التسمية، والعبارة عن المعنى الذي يروم المتكلم تقريره في نفس من يخاطبه. وهذا الاسم هو المراد بقولهم للرجل: "ما اسمك؟ وعرفني باسمك"؛ لأنه ليس يسأله أن يعلمه بذاته ما هي؟ وإنما يسأله يعلمه بالعبارة المعبر بها عنه، المشار بها إلى ذاته. وكذلك قولهم: "محوت اسم علي من الكتاب، وأثبت اسمه في الديوان" فالاسم في هذا كله غير المسمى اضطرارًا؛ لأن اللفظة ليست الشخص الواقع تحتها. والاسم والتسمية في هذا الباب لفظان مترادفان على معنى واحد؛ كما يقال: سيف، وصمصام، وحسام. والاسم ههنا وإنما كان يفيد ما تفيده التسمية فبينهما فرق؛ وذلك أن التسمية مصدر، من قولك: سميت الشيء أسميته تسمية، فأنا: مسمٍّ، وهو: مسمًّى؛ كقولك: سويته، أسويه، تسوية؛ فأنا: مسوٍّ، وهو: مسوٍّي. والاسم ليس بمصدر؛ وإنما يراد به الألفاظ المعبر بها عن الأشياء، كمحمد، وعلي، وجوهر، وعرض. ويدلك على الفرق بينهما أن التسمية تعمل عمل الفعل، والاسم لا يعمل عمل الفعل؛ ألا ترى أنك تقول: عجبت من تسمية زيد ابنه كلبًا؛ كما تقول: عجبت من تسوية زيد الثوب. ولا تقول: عجبت من اسم زيد ابنه كلبًا. وهذا كما تقول: "عجبت من قوت زيد عياله" -بفتح القاف- فإن ضممت القاف لم يجز؛ لأن "القوت -بفتح القاف- مصدر قاته، يقوته، قوتًا. و"القوت" -بضم القاف- الطعام نفسه؛ فجرى مجرى الاسم في الامتناع من العمل؛ لأنه نوع من أنواع الاسم.
ومما جاء من هذا الباب قوله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} يريد: التسميات. ومن ذلك قوله عليه السلام: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة". ولو كان الاسم هنا هو المسمى بعينه لكان الله تسعة وتسعين شيئًا. وهذا كفر بإجماع ... و ... و ...
ومن ذلك قول الشاعر:
وسميته يحيي ليحيا، ولم يكن ... لردِّ قضاء الله فيه سبيلُ
ولو كان الاسم هنا هو المسمى لوجب أن يموت من سمي: "يموت". ويحيا من سمي "يحيي" ...
وهذا النوع كثير في القرآن والحديث وكلام العرب يغني ما ذكرناه منه عن الإكثار منه". ا. هـ. ثم عرض بعد ذلك لأنواع أخرى؛ منها ما يكون فيه الاسم هو المسمى، كلاهما ملازم الآخر لا يفارقه مطلقًا، مثل كلمة: "حي، أو "متحرك". فمن المستحيل أن توجد الحياة بغير الجسد الذي تحل فيه، ومن المستحيل أن توجد الحركة مستقلة بنفسها بغير جسم تظهر فيه. إلى غير ذلك مما عرضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>