للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثامن: استفادة المضاف من المضاف إليه وجوب التصدير١، وانتقال هذا الوجوب من الثاني للأول. فإذا كان المضاف إليه لفظًا من الألفاظ التي يجب تصديرها في جملتها كألفاظ الاستفهام ... و ... فإنه يفقد التصدير حين يصير مضافًا إليه، وينتقل وجوب التصدير إلى المضاف الذي ليس من ألفاظ الصدارة الحتمية؛ ولهذا وجب تقديم المبتدأ في مثل: كتاب من معك؟ والخبر في مثل: صباح أي يومٍ السفر؟ والمفعول به في مثل: دعوة أيهم تجيب؟ والجار والمجرور في مثل: من بلاد الأنصار أقبلت؟ وهكذا ... وأصل الكلام: معك كتاب من؟ السفر صباح أي يوم؟ تجيب دعوة أيهم؟ أقبلت من بلاد أي الأنصار؟ ففي الأمثلة السابقة تقدم وجوبا كل من المبتدأ، والخبر، والمفعول به، والجار مع مجروره ... و ... مع أن كل واحد من هذه الألفاظ ليس من الألفاظ الواجبة التصدير لذاتها؛ ولكنه استفاد حق التصدير الواجب من المضاف إليه، وسلبه هذا الحق؛ إذ المضاف إليه هنا أداة استفهام، وأدوات الاستفهام واجبة التصدير بنفسها قبل أن تصير: "مضافًا إليه" فحين صارت مضافًا إليه فقدت هذا التصدير الواجب، وانتقل منها إلى المضاف.

التاسع: وجوب تقديم المضاف، على المضاف إليه، وكذلك على معمولات المضاف إليه، إن وجدت. فلا يجوز أن يتقدم المضاف إليه، ولا شيء من معمولاته "سواء أكانت هذه المعمولات مفردة، أم جملة، أم شبه جملة"، إلا حالة واحدة يجوز فيها تقديم المعمول؛ هي: أن يكون المضاف كلمة: "غير" التي يقصد بها النفي٢؛ ففي نحو: "أنا مرشد الغرباء ... " لا يصح: "أنا الغرباء مرشد ... " وفي نحو: "أنا مثل كاتب سطورًا"، لا يصح أن يقال: "أنا - سطورا - مثل كاتب" أما في نحو: "أنا غير منكر فضلا-" فيجوز: "أنا - فضلًا - غير منكر"؛ لأنه يجوز: "أنا فضلًا لا أنكر".

ومنه قول الشاعر:


١ بشرط أن يكون المضاف إليه واجب الصدارة.
٢ علامتها: أن يصح إحلال حرف نفي وفعل مضارع محل كلمة: "غير" والمضاف إليها، مع استقامة المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>