= ومما يؤيد استعمال القياس مع ورود السماع -وما أكثر ما يؤيده- ما جاء في "القاموس المحيط" -للفيروزآبادي- ج١ مادة:"سجد" من كلمات وردت في صيغة اسم الزمان أو المكان بالكسر، وكان قياسها الفتح، ومنها: مسجِد، مشرِق، مفرِق، مطلِع، مسقِط، مجزِر، مسكِن، منبِت، منسِك، مرفِق ... "ولهذا الحكم الخاص بالكلمات السالفة بيان وتحقيق مفيدان -في ص".
وبعد أن سردها قال ما نصه:"ألزموها كسر العين، والفتح جائز، وإن لم نسمعه" ا. هـ.. وكذلك ما جاء في "تاج العروس شرح القاموس، مادة: "حج" حيث نقل عن السابقين أن المصدر السماعي الدال على المرة للفعل: "حَجَّ" هو: "حِجَّة" -على وزن: "فِعلَة" بكسر، فسكون، ففتح -بالرغم من أن هذه الصيغة خاصة بالمصدر الدال على "الهيئة" فقط في غير هذا. ولكنها استعملت مصدرًا لهذا الفعل يدل على "المرة" فقط، ولا يدل على الهيئة مطلقًا. ثم قال بعد ذلك ما نصه الحرفي خاصًا بصيغة "المرة": قال الكسائي: كلام العرب كله على فعلت فَعْلَة -بفتح، فسكون، ففتح -في المرة؛ إلا حججت حِجة، ورأيت رِئية". ا. هـ. ثم أردف صاحب التاج هذا بقوله مباشرة ما نصه:"فتبين أن "الفعلة" للمرة تقال بالوجهين؛ الكسر على الشذوذ، ولا نظير له في كلامهم، والفتح على القياس" ا. هـ، فهو يبيح القياس وتطبيق القاعدة مع وجود السماع المخالف لها، الوارد عن العرب. ومعنى هذا أن ورود السماع لا يلغي القياس، ولا يمنع استخدام القاعدة المخالفة.
وكذلك جاء في القاموس مادة:"فسد" ما نصه: "لم يسمع انفسد" ا. هـ، فقال شارحه:"والقياس لا يأباه".
هذا، وكما ينطبق حكم السماع والقياس على المصادر المختلفة ينطبق على غيرها مما له سماع وقياس ... كجموع التكسير، وسيجيء في بابها بالجزء الرابع، وكالمشقات، وسواها ... ولا معنى لقصر هذا الحكم على نوع دون نوع يماثله، أو مسألة أخرى تشابهها. قال الصبان "ج٤" في باب "جمع التكسير" تعليقًا على بيت ابن مالك الذي صدره:
"والزمه في نحو طويل ... "
وعلى كلام ابن حيان، ... ما نصه:"إذا سمع في جمع التكسير غير قياسه امتنع النطق بقياسه، وهذا أحد قولين في المصدر الوارد على خلاف قياسه، وهو نظير ما نحن فيه". ا. هـ. ويقول صاحب كتاب "القياس في اللغة العربية للخضر، ص٤١ ما نصه: "أما الألفاظ التي لم ترد إلا على الوجه المخالف للقياس؛ نحو:"عبيد" -تصغير عيد- فيقتصر فيها على ما ورد عن العرب، إلا أن يبدو لك أن تتعلق بمذهب من يجيز إجراء الألفاظ على مقتضى القياس زيادة على الوجه الثابت من طريق السماع"" أهم
وسيجيء -في ج٤ أول باب:"جمع التكسير"- أن فريقًا من أئمة النحاة -في مقدمتهم الكسائي- زعيم المدرسة الكوفية -الذي أوضحنا منزلته في هامش ص١٨٩- يجيز استعمال السماع والقياس في الجموع، والمصادر، وغيرهما. فقد جاء في مقدمة:"القاموس المحيط"، في الأمر الخامس =