للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى المجرد، وعلى المرة معًا؛ نحو: أخذت من المال أَخْذة. قعدت على الأريكة قَعْدة. تجددت لنا فَرْحة بالنصر. قمت بجَوْلة حول المدينة. والمعنى: أخذة واحدة، قعدة واحدة، فرحة واحدة، جولة واحدة١.

فإن كانت صيغة المصدر الأصلي موضوعة في أصلها على وزن: "فعلة": نحو: نظرة. هفوة. رأفة. صيحة ... لم تدل بنفسها في هذه الصورة على المرة، ووجب زيادة لفظ آخر معها ليدل على "المرة" أو قيام قرينة أخرى تدل عليها. والغالب في اللفظ الآخر أن يكون نعتًا. فنقول مثلًا: ربما تنفع النظرة الواحدة في ردع المسيء. قد تعقب الهفوة الواحدة عواقب خطيرة. إن رأفة واحدة بضعيف قد تضمه إلى أعوانك المخلصين. أهلك الله بعض الغابرين بصيحة لم تتكرر٢ ...

ولا بد في صياغة "فَعْلة" الدالة على "المرة" من تحقق شرطين: أن تكون لشيء حسي صادر من الجوارح الظاهرة والأعضاء الجسمية، وأن يكون ذلك الشيء المحسوس غير ثابت؛ فلا تصح صياغة "فَعْلة" لدلالة على أمر معنوي عقلي محض، كالذكاء، أو العلم، أو الجهل، أو النبوغ ... ولا تصح صياغتها من الأوصاف الثابتة؛ كالظرف، والحسن. والملاحة، والقبح، والطول، والقصر ...

وإن كان الفعل الماضي غير ثلاثي فالوسيلة للدلالة على المرة من مصدره الأصلي هي: زيادة تاء التأنيث في آخر هذا المصدر مباشرة، دون زيادة، أو حذف، أو تغيير آخر. مثل: "إنعام" مصدر الفعل الرباعي: "أنعَم"


١ ومن الشاذ المسموع قول العرب: حَج فلان حِجة "بكسر الحاء" ومنه شهر ذي الحجة فجاءوا بالمصدر الدال على المرة مصوغًا على وزن: "فِعْلة" "بكسر، فسكون" وهذه الصيغة هي الخاصة بالهيئة. وبالرغم من هذا السماع الوارد عنهم لا مانع أن نقول في المرة: "حَجّة" بفتح أول الكلمة تطبيقًا لصيغة: "فَعْلة" الخاصة بالمرة؛ عملًا بالبيان المفيد الذي عرضناه في ص١٩١.
ومن المسموع أيضًا رأيته رؤية "بوزن فُعْلة" مرادًا بها المرة، ولا مانع من استعمال القياس فيهما أيضًا -راجع "تاج العروس"، مادة: "حج". هذا، وقد نقل ابن خالويه في كتابه المسمى: "ليس في كلام العرب" أن فتح الراء مسموع أيضًا.
٢ انظر آخر الملاحظة الآتية في ص٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>