التصرف بإيجاد ما يضمن الدلالة على "الهيئة"؛ كزيادة بعض الألفاظ للدلالة عليها؛ أو إقامة قرينة -أي قرينة- ترشد إليها، وإلى ما يراد منها من حسن، أو قبح، أو زيادة، أو نقص ... أو غير هذا من الأوصاف التي يراد وصف المصدر بها، مثل: العِزة الجاهلية تحمل صاحبها على الطغيان. نشدة المآرب بالحكمة كفيلة بإدراكها.
ويلاحظ أن الدلالة على "الهيئة" بالصيغة المباشرة السالفة، إنما تقتصر على مصدر الفعل الثلاثي؛ مع زيادة التاء في آخر هذا المصدر إن لم تكن موجودة؛ فمنهما تتكون الصيغة الدالة بنفسها على المعنى المجرد وعلى "الهيئة" معًا. أما الأفعال التي ليست ثلاثية فلا تصاغ -قياسًا- من مصادرها الأصلية صيغة تدل على "الهيئة"، وإنما يزاد على المصدر الأصلي قرينة، أو لفظ يدل على الوصف المراد، من غير التزام قرينة معينة، أو لفظ معين. فعند إرادة الدلالة على الهيئة من المصادر: تكلُّم، استماع، اندفاع، وأشباهها ... نقول: التكلم الكثير مدعاة للملل. الاستماع الحسن أمارة العقل الراجح. الاندفاع الطائش مقدمة البلاء العاجل.
ومجمل القول: إذا كان المصدر الأصلي موضوعًا في أصله على وزن: "فِعلة" كعزة"، وأردنا أن يدل على "المرة" وجب تحويله إلى صيغة "فَعلة" فنقول: ثارت في رأسي الجاهلي عَزة أبعدته عما يحسن بالعاقل.
وكذلك إن كان موضوعًا في أصله على وزن: "فَعْلة"؛ كرحمة. وأردنا أن يدل على "الهيئة" فإننا نحوله إلى صيغة: "فِعْلة"؛ فنقول: رِحْمة، مثل: "رِحْمة تداوي، ورِحْمة تجرح"١.
وخلاصة ما سبق:
١- أن الفعل الثلاثي يصاغ بشرطين -مصدره الأصلي الشائع على وزن: "فعلة" للدلالة على أمرين معًا؛ هما: المعنى المجرد، و"المرة".
١ هذه حكمة قديمة، معناها أن هيئة الرحمة، والطريقة التي تظهر بها، وتقدم لمستحقها -قد تكون طريقة كريمة تفيده، وتزيل أو تخفف آلامه ومتاعبه. وقد تكون طريقة جافة خشنة تؤلمه" وتجرح شعوره.