للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمستبد العادل". فكلمة: "زاهد" تدل على أمرين معًا هما: الزهد مطلقًا، والذات التي فعلته أو ينسب إليها، وكذا كلمة: "عادل" تدل على أمرين معًا؛ هما العدل مطلقًا والذات، التي فعلته أو ينسب إليها، ومثلهما كلمتي: "واشٍ" و"سائل" في قول المعري:

أعندي وقد مارست كل خفية ... يُصدَّق واشٍ١، أو يُخيَّب سائلُ

ودلالة اسم الفاعل على المعنى المجرد الحادث، أغلبية؛ لأنه قد يدل٢ -قليلًا- عن المعنى الدائم، أو شبه الدائم، نحو: دائم، خالد، مستمر، مستديم ... و ... ٣

ودلالته على ذلك المعنى المجرد مطلقة "أي: لا تفيد النص على أن المعنى قليل أو كثير ... " فصيغته الأساسية محتملة لكل واحد منهما٤، إلا أن وجدت قرينه تعين أحدهما دون الآخر.


= لا اسم فاعل. هذا هو الاصطلاح المشهور. وأما ما يأتي في: "أبنية أسماء الفاعلين" من أنه يطلق عليها اسم الفاعل فباعتبار اصطلاح آخر، وهو مجاز -كما سيأتي.
"وإن شئت فقل: اسم الفاعل ما دل على فاعل الحدث، وجرى مجرى الفعل في إفادة الحدوث. فخرج بالأول اسم المفعول، وبالثاني الصفة بجميع أوزانها، وأفعل التفضيل" ا. هـ.
واستعمال ذلك الإصلاح شائع قبل "ابن مالك"، ومنه ما جاء في "أمالي القالي" -ج٢ ص١٨٤ ونصه: "قال أبو علي: غمَض وغمُض "بفتح الميم وضمها" فمن قال غمُض بضم الميم، قال في الفاعل: غميض. ومن قال: غمَض بفتح الميم، قال في الفاعل غامض" ا. هـ. فالمراد بالفاعل في الأول: الصفة المشبهة، وفي الثاني: اسم الفاعل.
١ أصلها: واشيٌ، على وزن: فاعل، حذفت الضمة؛ لثقلها على الياء، ثم حذفت الياء؛ لالتقاء الساكنين، طبقًا للبيان الذي سبق عند الكلام على المنقوص ج١ م١٦ ص١٧٣.
٢ شرط هذه الدلالة أن تكون هي المعنى الصريح لصيغته اللفظية، أو أن توجد قرينة أخرى توجه المعنى إلى الدوام وشبهه، مع بقاء اسم الفاعل في الحالتين على صيغته وصورته الخاصة به، وأحكامه النحوية التي تفرَّد بها "انظر الزيادة الآتية في ص٢٤٢".
٣ وكذلك في الحالة التي يصير فيها: "صفة مشبهة" وستأتي في الزيادة ص٢٤٢.
٤ جاء في ص١٣٠ من شرح درة الغواص، ما نصه: "قال ابن بري: ... إن باب "فاعل" كضارب، وقاتل ... عام لكل من صدر منه الفعل، قليلًا كان أو كثيرًا؛ فلا يمنع أن يقع "فاعل" موقع "فعال" المختص بالكثير؛ لعمومه. ألا ترى أن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} لا يقتضي أن يكون السائل هنا من قل سؤاله؟ ومثله في صفات الباري: الخالق والخلاق، والرازق والرزاق ... والمراد بأحدهما ما يراد بالآخر". اهـ، وفي حاشية ياسين على شرح الفاكهي لقطر الندى "ج٢ ص٢١٧ ما نصه: "قال الشاطبي في شرح الألفية: اسم الفاعل دال على الفعل، كثيرًا كان أو قليلًا: فيقال "فاعل" لمن تكرر منه الفعل وكثر، ولمن وقع منه فعل ما ... فإذا أرادوا أن يشعروا بالكثرة وضعوا لها مثالا دالًّا عليها؛ مثل: فَعُول" ا. هـ ... ولهذا إشارة في ص٢٥٧ وهامشها.

<<  <  ج: ص:  >  >>