للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدار قلته، وكثرته، وضعفه، وقوته فصيغة: "فاعل" التي هي وزن "اسم الفاعل" من الثلاثي لا تدل وحدها على شيء من ذلك إلا من طريق الاحتمال، ولا تدل دلالة صريحة خالية من هذا الاحتمال، على قوة، ولا ضعف، ولا كثرة، ولا قلة في المعنى المجرد؛ فكلمة "زراع" لا تدل بلفظها -بغير قرينة أخرى- على أكثر من ذات متصفة بأنها تفعل الزراعة. وليس في صيغة الكلمة دليل صريح على أن تلك الذات تفعل الزراعة قليلًا أو كثيرًا ... بخلاف صيغة "فعّال" مثلًا؛ فإنها تدل بنصها وصيغتها الصريحة على الكثرة والمبالغة في ذلك الفعل، أي: في المعنى المجرد. ولهذا تسمى: "صيغة مبالغة"، ومن ثَمَّ كان الذي يستخدم صيغة "فاعل" يرمي إلى بيان أمرين: "المعنى المجرد مطلقا، وصاحبه"، دون اهتمام ببيان درجة المعنى؛ قوة وضعفًا، وكثرة وقلة. بخلاف الذي يستخدم "صيغة المبالغة"؛ فإنه يقصد إلى الأمرين مزيدًا عليهما بيان الدرجة١، كثرةً وقوةً.

وما قيل في: "زارعٌ فاكهة وزرّاعٌ فاكهة" يقال في: ناظمٌ شعرًا، ونظّامٌ شِعرًا. صانعٌ خبزًا، وصنّاع خيرًا. قائلٌ الصدق، وقوّالٌ الصدق ... وهكذا يمكن تحويل صيغة "فاعل" الدالة على اسم الفاعل من الثلاثي المتصرف إلى صيغة: "فعّال" أو غيرها من الصيغ المعروفة باسم: "صيغ المبالغة".

وأشهر أوزانها خمسة قياسية؛ هي:

"فعّال"٢؛ نحو: ما أعظم الصديق إذا كان غير قوّال سوءًا. ولا فعّال إساءة، وقول الشاعر:

وإني لقوّال لِذِي البثِّ٣ مرحبا ... وأهلا إذا ما جاء من غير مَرْصَد٤

و"مِفعال"٥، نحو: الطائر مِحذار صائده، مِخواف أعداءه.


١ ولهذا لا تصاغ من مصدر فعل لا يقبل الزيادة والتفاوت؛ طبقًا للبيان الذي في: "هـ من ص٢٦٩، وانظر الملاحظة الآتية في ص٢٦٢.
٢ قد تكون صيغة: "فعّال" للنسب أحيانًا، طبقًا للبيان الآتي في "و" من ص٢٦٩.
٣ الحزن.
٤ ميعاد.
٥ هذه الصيغة مشتركة بين صيغ المبالغة واسم الآلة الذي سيجيء الكلام عليه في باب خاص ص٣٣٣ م١٠٧ فهي صيغة مشتركة في البابين. والتفريق بينهما يكون خاضعًا للقرائن.

<<  <  ج: ص:  >  >>