للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعمالها:

الصفة المشبهة الأصلية١ مشتقة من مصدر الفعل الثلاثي اللازم؛ فحقها أن تكون كفعلها؛ ترفع فاعلًا حتمًا، ولا تنصب مفعولًا به. لكنها خالفت هذا الأصل، وشابهت اسم الفاعل المتعدي لواحد؛ "فإنه -كفعله المتعدي- يرفع فاعلًا حتمًا، وقد ينصب مفعولًا به"، وصارت مثله ترفع فاعلها حتمًا، وقد تنصب معمولًا٢ لا يصلح إلا مفعولًا به، ولكن هذا المعمول حين تنصبه لا يسمى مفعولا به، وإنما يسمى: "الشبيه بالمفعول به٣؛ إذ كيف يعتبر مفعولًا به وفعلها لازم لا ينصب المفعول به؟ لهذا يقولون في إعرابه حين يكون منصوبًا، إنه: "منصوب على التشبيه٤ بالمفعول به".

ولا تنصب هذا الشبيه إلا بشرط: "اعتمادها"٥؛ سواء أكانت مقرونة؛ "بأل" أم غير مقرونة. مثل الكلمات: القول، الطبع، القلب ... وفي قولهم: "إنما يفوز برضا الناس الحلو القول، الكريم الطبع، الشجاع القلب" ... ولا يشترط هذا الشرط لعملها في معمول آخر "غير الشبيه بالمفعول به": كالحال، والتمييز، وشبه الجملة ...


١ سبق في ص٢٨٤ أن الصفة المشبهة ثلاثة أنواع: أصيل، وملحق به، ومؤول.
٢ وهذا من أسباب تسميتها بالصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد. وسيجيء التفصيل في ص٢٨٨ وما بعدها، وفيها أنواع المعمولات التي تنصبها.
٣ كما سيجيء في رقم ٣ من ص٣٠٠.
٤ أشرنا إلى هذا في مناسبة سابقة "هامش ص٢٤٢، ٢٦٥" فقلنا إن السبب هو: صوغ الصفة المشبهة من مصدر فعل ثلاثي لازم، وقد ورد السببي بعدها منصوبًا لا يصلح أن يعرب نوعًا آخر من المنصوبات غير المفعول به، فأعربوه "شبيهًا بالمفعول به"، ولم يعربوه مفعولًا به؛ لئلا تخالف فعلها. وأيضًا فالمفعول به يقع عليه أثر فعل الفاعل. أما معمول الصفة المشبهة هذا فلا يقع عليه الأثر، فلم يجعلوا اسمه "مفعولا به" كاسم المنصوب الذي نصبه اسم الفاعل، مع أنه الصفة المشبهة سميت باسمها لشبهها باسم الفاعل في كثير من أحواله، ومنها عمل النصب. ففي مثل: الحاكم ضارب المذنب، يعرب "المذنب" مفعولًا به مباشرة، لأنه وقع عليه الضرب. لكن إذا قلنا: الحاكم سمح الطبع، لا يعرب "الطبع" إلا شبيهًا بالمفعول به؛ لأن السماحة لم تقع عليه وإنما قامت به، وفرق كبير بين الاثنين أوضحناه من قبل "في ج٢ ص٥٣ م٦٥". ومثل هذا حسن الرأي، جميل المظهر ... "راجع الشرح المفصل ج٦ ص٨١".
٤ سبق بيان الاعتماد في ص٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>