للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- وتخالفه في أمور وأحكام هامة؛ توضح حقيقة كل منهما، وتميزه من الآخر؛ منها:

١- اشتقاقها من الفعل اللازم حقيقة، أو من المتعدي الذي هو في حكم اللازم وفي منزلته؛ فمثال الأول: حسن، وجميل؛ في نحو: "الغزال حسن الصورة، جميل العينين"، وفعلهما: حسُن وجَمُل "بضم عينهما". وهما فعلان لازمان. وكذلك سَمْح، وجامد، في قول الشاعر:

السمح في الناس محبوب خلائقه ... والجامد١ الكف ما ينفك ممقوتا

وفعلهما: "سَمُح، وجمد"، وهما لازمان.

ومثال الثاني: "هذا فارع٢ القامة، عالي الرأس؛ إذا أريد بكل من: "فارع" و"عالٍ" الثبوت والدوام٣، لا التجدد والحدوث. وفعلهما: "فرع" وعلا؛ وكلاهما متعدٍّ. ولكن مجيء الصفة المشبهة من مصدره -عند إرادة الثبوت نصًّا- جعله بمنزلة اللازم؛ إذ إنها لا تصاغ أصالةً إلا منه، ولا تصاغ من المتعدي إلا على هذا الاعتبار الذي يجعله بمنزلة اللازم٤. أما اسم الفاعل فيصاغ من اللازم والمتعدي بغير تقيد بأحدهما.

١- تعدد صيغها القياسية وكثرة الأوزان المسموعة؛ بخلاف اسم الفاعل؛ فإن له صيغة قياسية واحدة إذا كان فعله ثلاثيًا؛ وهي صيغة: "فاعل". وأخرى على وزن مضارعه مع إبدال أوله ميما مضمومة وكسر الحرف الذي قبل الآخر -كما عرفنا- إذ كان فعله غير ثلاثي. والصيغتان محدودتان مضبوطتان.


١ جامد الكف هو: البخيل. وكلمة: "جامد" في أصلها اسم فاعل، ولكنها هنا صفة مشبهة، بقرينة لفظية؛ هي إضافتها إلى الفاعل، "واسم الفاعل إذا أضيف لمرفوعه صار صفة مشبهة؛ طبقًا لما تقرر في بابه ... " وأخرى معنوية، هي: أن الجمود -بمعنى: البخل- صفة من الصفات الثابتة التي تلازم صاحبها غالبًا.
٢ طويل مرتفع ...
٣ يدل على هذا هنا إضافة اسم الفاعل إلى فاعله؛ لأن إضافته لمرفوعه تصيره صفة مشبهة.
٤ راجع إيضاح هذا وبيان أنواع اللزوم في هامش ص٢٦٧، ومن تلك الأنوع: أن يحول الثلاثي المتعدي إلى صيغة "فعُل" "بضم العين" بقصد المدح أو الذم أو غيرهما، فيصير لازمًا بالتحويل؛ "لأن هذه الصيغة لا تكون إلا لازمة". وعندئذ تجيء الصفة المشبهة من مصدره قياسًا، ومن ثم كان "الرحمن"، و"الرحيم" و"العليم" ... ونظائرها من صفات المولى -معدودًا- من الصفات المشبهة ... مع أن فعلها الأصلي: هو: "رحِم"، "علِم" وهما فعلان متعديان.

<<  <  ج: ص:  >  >>