للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- دلالتها على معنى دائم الملازمة لصاحبه، أو كالدائم؛ فلا يقتصر على ماضٍ وحده، أو حال وحده، أو مستقبل كذلك، أو على اثنين دون الثالث، فلا بد أن يشمل معناها الأزمنة الثلاثة مجتمعة مع دوامه أو ما يشبه الدوام كما شرحنا. وهذا يعبر عنه بعض النحاة بأنه: "دلالتها على معنى في الزمن الماضي المتصل بالحاضر١ الممتد، مع الدوام"؛ لأن اتصال الماضي بالحاضر، ودوام هذا الحاضر، وامتداده يستلزم اتصال الأزمنة الثلاثة حتما. فغاية العبارتين واحدة. وعلى هذا لا يصح أن يقال في الرأي الأقوى الذي يجب الاقتصار عليه: الوجه حسنٌ أمس، أو الآن، أو غدًا. أما على الرأي الضعيف الذي سبق أن أشرنا بإهماله٢ فيجوز -بشرط وجود قرينة- بقاءُ الصفة المشبهة على صيغتها مع تغير دلالتها إلى الماضي، أو الحال، أو المستقبل. وأما على الرأي القوي فنقول في هذه الصور وأمثالها مما يقتصر فيه المعنى على نوع من الزمن دون اكتمال الأنواع كلها: الوجه حاسنٌ أمس، أو: الوجه حاسنٌ الآن، أو: الوجه حاسنٌ غدًا؛ وذلك بتحويل صيغة الصفة المشبهة إلى صيغة اسم الفاعل، وإخضاعها لأحكامه كلها. وهذا الرأي وحده أحق بالأخذ. وقد سبق أن أوضحنا٣ أن من يريد الدلالة على ثبوت الوصف ودوامه نصًّا فعليه أن يجيء بالصفة المشبهة، ومن يريد الدلالة نصًّا على حدوثه وتقييده بزمن معين دون باقي الأزمنة فعليه أن يجيء باسم الفاعل. وأنه لا بد مع الإرادة من قرينة تبين نوع الدلالة؛ أهي الثبوت والدوام، أم الحدوث.

ولا فرق في دلالتها على دوام الملازمة بين أن يكون الدوام مستمرًّا لا يتخلله انقطاع؛ "كطويل القامة، حلو العينين"، وأن يتخلله انقطاع أحيانًا، "نحو: سريع الحركة، بطيء الغضب"، فيمن طبعه هذا؛ فإن الانقطاع الطارىء -ولو تكرر- لا يخرج الصفة عن أنها في حكم الملازمة لصاحبها؛ إذ إنها من عاداته الغالبة عليه٤.


١ أي: بالزمن الحالي.
٢ في ص٢٩٣. مع الرجوع إلى رقم ١ من هامش ص٢٩٣.
٣ في ص٢٤٢ عند الكلام على اسم الفاعل، وأحكامه، ثم في ص٢٩٣.
٤ على الوجه الذي سبق في هامش ص٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>