للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تأدية الغرض. إلا أن الإعراب الثاني أيسر وأوضح، وهو إلى عقول ناشئة المتعلمين أقرب. ويزداد يسرًا ووضوحًا حين يكون الفاعل المجرور بالباء اسمًا مبنيًا كالضمير، وغيره من المبنيات التي تحتاج في إعرابها إلى تطويل.

ويلاحظ أن صيغة: "أفْعِلْ" هذه جامدة -كأختها الأولى- مع أن فعلهما الأصلي ثلاثي متصرف، ولكنه يفقد التصرف بسبب استعماله في التعجب -كما أوضَحْنا١-


١ في ص٣٤٢، وما يجيء من ص٣٤٩، ٣٥٧ وفي الأحكام السابقة يقول ابن مالك في باب عنوانه: "التعجب":
بـ"أَفْعَلَ" انْطِقْ بعْد: "ما"؛ تعجبًا ... أَوْ جِئْ بـ"أَفْعِلْ" قَبْل مجْرُورِ بِـ"ببا"
أي: انطق بصيغة: "أفعَل" لأجل التعجب، بشرط أن تكون هذه الصيغة واقعة بعد كلمة "ما" وهي: "ما" التعجبية، وإن شئت فَجِئْ بصيغة أخرى هي: "أَفْعِلْ" وبعدها المتعجب منه "أي من شيء فيه". مجرور بالباء. ثم قال:
وتِلْوَ "أَفْعَلَ" انْصِبنَّهُ؛ كَما ... أَوْفَى خَلِيلَيْنَا! وأَصْدِقْ بِهِما!
أي: "انصب ما يجيء بعد "أفعل". والذي يجيء بعد "أفعل" هو المفعول به المتعجب منه، "أي: من شيء، فيه" ثم ساق في آخر البيت مثالين؛ أحدهما: للمتعجب منه "أي: من شيء فيه" المنصوب بعد "أفعل"؛ وهو: "خليلينا". والثاني المتعجب منه المجرور بالباء بعد "أفعِلْ" وهو "أصدِقْ بهما". ثم ساق بيتًا ثالثًا ضمنه حكمًا سنذكره في مكانه من الأحكام بصفحة ٣٦٠؛ هو جواز حذف المتعجب منه إذا دل عليه دليل، ولم يتأثر المعنى بحذفه؛ يقول:
وحَذْفَ ما مِنْه تَعَجَّبْت اسْتَبِحْ ... إِنْ كَانَ عِنْدَ الحَذْفِ معناهُ يَِحْ
يضح. أي: يتضح. والفعل: "وضَح يضِح"، والأصل: "يوضح، ثم حذفت الواو خضوعًا لقاعدة صرفية تقضي بحذفها إذا وقعت ساكنة في المضارع وقبلها فتحة وبعدها كسرة، وسيذكر البيت لمناسبة أخرى في ص٣٦٠.
ثم ذكر بعد هذا بيتًا يقرر فيه أن هذين الفعلين ممنوعان من التصرف؛ فهما جامدان بحكم قديم محتوم قرره النحاة: ونص البيت:
وفي كِلاَ الفِعْلَيْنِ قِدْمًا لَزِما ... مَنْعُ تَصَرُّفٍ بِحُكْمِ حُتِما
في ترتيب البيت التواء، والأصل: ولزم منع تصرف في كلا الفعلين بحكم حتم قدمًا؛ أي: قديمًا. وسيجيء إيضاح لهذا البيت في مكانه الأنسب عند الكلام على أحكام التعجب "ص٣٧٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>