٢ لا ترتاح النفس للتعليلات التي ذكروها لمنع الصياغة من هذا القسم بأنواعه المختلفة، التي لا ينطبق عليها الشرط الثامن، ولا سيما التعليل بخوف اللبس بين صيغتي: "أَفْعَلَ" التي تستعمل أحداهما في التعجب، والأخرى في الصفة المشبهة فإن هذا اللبس وَهْم لا يتحقق؛ إذ كيف يتحقق وإحداهما فِعْل، والأخرى اسم، ولكل منهما أحكام تغاير الأخرى. فالقرائن قوية تمنعه. ولا علة إلا علة الاستعمال العربي المجرد. وهو -فيما يبدو لنا- لا يمنع من صياغة التعجب من تلك الأشياء، وكذا "التفضيل" كما سيجيء في رقم ١ من هامش ص٣٩٨؛ وذلك لسببين: أولهما: ورود السماع بقدر من تلك الأشياء يكفي للقياس عليه. وثانيهما: شدة الحاجة إلى التعجب منها في عصرنا؛ بسبب ما كشفه العلم الحديث من التفاوت الواسع في معنى كل منها، والاختلاف البعيد بين أنواعه ودرجاته وليس من الممكن إغفال هذا التفاوت والاختلاف في استعمالاتنا التى تساير الحياة. ومثل هذا يقال في صوغ "التفضيل" من الأفعال الدالة على تلك المعاني، وبالرغم من أن للنحاة ما يشبه العذر في بعض أنواع "التفضيل"، ولكنه عذر يمكن دفعه -كما سيجيء البيان المفيد في رقم ١ من هامش ص٣٩٨. ويصرح بعض أئمة الكوفيين: كالكسائي، وهشام الضرير وغيرهما، برأي حسن يوافق ما سبق؛ هو صحة مجيء التعجب مما يدل على الألوان والعاهات، ووافقهم الأخفش من البصريين في العاهات، دون الألوان. وبرأي الكوفيين أخذ المجمع اللغوي -كما جاء في ص١٢١ من كتابه السالف. وفي الشروط السابقة يقول ابن مالك "ساردًا سبعة، أما الثامن وهو: "الفعل الماضي" فمفهوم من السياق": وَصْغْهُمَا مِنْ ذِي ثَلاثٍ، صُرِّفَا ... قَابِلَ فَضْلِ، تَمَّ، غيْرِ ذِي انْتِفَا وَغَيْرِ ذِي وَصْفٍ يضاهي أَشْهَلا ... وَغَيْرِ سَالكٍ سَبِيلَ فُعِلا يريد: صغهما من صاحب الحروف الثلاثة "وهو الماضي الثلاثي"، المتصرف، القابل للتفاوت، التام، غير المنفي، والذي صفته المشبهة ليست مثل: "أشهل" "شَهِل الرجل، فهو: أشهل، الأنثى شَهْلاء، أي: قلّ سواد عينه، وخالطتها حمرة"، وغير مبني على صيغة: "فُعِل"؛ وهي صيغة بناء الماضي الثلاثي للمجهول، فهذه سبعة شروط لم يذكر بينها أنهما يصاغان من فعل، لا من اسم ولا من حرف؛ لأن هذا الذي تركه مفهوم مما سرده، كما قلنا.