للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا هذا الشرط لكان التعجب لغوًا؛ إذ لا فائدة من قولنا: ما أسعد رجلًا ... ما أشقى إنسانًا ... ويتساوى في هذا الحكم معمول "أفْعَلَ وأفْعِلْ".

٦- جواز حذف المعمول المتعجب١ منه في إحدى حالتين؛ "سواء أكان منصوبًا بأفْعَلَ، أم مجرورا بالباء بعد أفْعِلْ".

أولاهما: أن يكون ضميرًا يدل عليه دليل بعد الحذف؛ كقول الشاعر:

جزى اللَّهُ عني -والجزاء بفضله- ... ربيعةَ، خيرًا. ما أَعَفَّ! وأَكْرَمَا!

أي: ما أعَفَّها وأكرَمها. وقول الآخر:

أرى أمَ عمْرو دَمْعُها قَدْ تَحَدَّرَا ... بكاءً على عَمُرٍو. وما كان أصبرا!

أي: أصبرها.

ثانيتهما: أن تكون صيغة التعجب هي: "أفْعِلْ" وقد حذف معمولها المجرور وحذف معه حرف الجر، وقبلها صيغة للتعجب على وزن: "أفْعِلْ" أيضًا، ولهذه الصيغة الأولى معمول مذكور، مماثل للمعمول المحذوف مع حرف الجر ... وقد عطفت الصيغة الثانية مع فاعلها على الأولى مع فاعلها: عطف جملة على جملة٢؛ كقوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} ٣، أي: وأَبصِرْ بهم. ونحو: أحسِنْ بصاحب المروءة وأكرِمْ!؛ أي: وأكرِم بصاحب المروءة، وقول الشاعر:

أَعْزِزْ بنَا!، وأَكْفِ! إِنْ دُعينا ... يَوْمًا إلى نَصْرِةَ مَنْ يَلينَا٤


١ سبقت الإشارة في "ب" من ص٣٤٧ إلى ما يتردد في هذا الباب من قولهم: "المتعجَّب منه"، وأنهم يريدون: المعمول الذي له صلة بالأمر الذي يدعو للتعجب.
٢ لم يشترط بعض النحاة شيئا من هذا كله، واكتفى باشتراط وجود قرينة تدل على المحذوف، وقالوا هذا الرأي أحسن وأوجه.
٢ سبق هذا المثال لمناسبة أخرى في ص٣٤٤، وفي رقم ٣ من هامش ص٣٥٧.
٣ وإلى هذا أشار ابن مالك ببيت سبق شرحه في ص٣٤٦، هو:
وحذْفَ ما مِنْه تَعجَّبْتَ اسْتَبحْ ... إِنْ كَانَ عِنْد الحذفِ معناه يَضِحْ

<<  <  ج: ص:  >  >>