للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- تجرد فعل التعجب -في الأغلب١- من الدلالة على زمن؛ لأن الجملة التعجبية كلها إنشائية محضةُ، الغرض منها إنشاء التعجب، فتركت الدلالة الزمنية، وانسلخت منها، واقتصرت على تحقيق الغرض الذي أُنشئت من أجله، وهو "الإنشاء غير الطلبي"، المقصود منه إعلان التعجب، كما أسلفنا٢.

٨- جواز الفصل بين "ما" التعجبية وفعل التعجب بـ"كان" الزائدة٣ كقول الشاعر يحن إلى أهله ورفاقه:

ما كان أَجملَ عهدَهم وفعالهَم! ... من لي بعهدٍ في الهناءِ تصَرّما؟

وقول الآخر:

ما كان أَحوجَ ذا الجمالَ إِلى ... عَيْب يُوَقِّيهِ من الْعَينِ

وقد تقع "كان" التامة المسبوقة بما المصدرية بعد صيغة التعجب؛ نحو: ما أحسن ما كان الإنصاف٤.


١ قلنا: "في الأغلب" لوجود حالة قد يدل فيها على الزمن هي المشار إليها في رقم ٣ من هامش ص٣٤٢ ...
٢ انظر رقم ٣ من هامش ص٣٤٢ حيث الحالة التي يدل فيها على الزمن. وهامش ص٣٥٣، ورقم الآتي هنا.
٣ سبق تفصيل الكلام على زيادتها، وما يستتبعه من أحكام في ج١ ص٤١٨" م٤٤، وفي هامش ص٣٩ منه.
٤ "ما" مصدرية، "كان" فعل ماضٍ تام، بمعنى: وُجد وظهر، الإنصاف" فاعلها. والمصدر المؤول مفعول فعل التعجب. والتقدير: ما أحسن وجود الإنصاف في الماضي. فإن قصد الاستقبال جيء، بالفعل التام: "يكون" بدلًا من الفعل: "كان ". ووجود الفعل الماضي "كان". والمضارع: "يكون" يقيد التعجب بزمن معين، وهذا -وإن كان قليلًا جائز؛ فمن الجائز تقييد فعل التعجب بزمن ماضٍ والمجيء بالفعل "كان"، أو: "أمسى" للنص على هذا التقييد بالمضي، وبكلمة: "الآن" أو ما بمعناها للنصّ على التقييد بالزمن الحالي، وبالفعل "يكون" ونحوه. كالظروف المستقبلة للدلالة على الاستقبال، ومنه قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} والمهم وجود قرينة تدل على التقييد المقصود. وبغير التقييد تتجرد الجملة التعجبية من الدلالة الزمنية "كما رددنا في هامش ص٣٤٢، ٣٤٩، ٣٥٣ و ...
- "راجع الأشموني والصبان آخر هذا الباب".
وقد تقع "كان" بلفظ الماضي زائدة بين "ما" التعجبية وفعل التعجب. والأحسن في هذه الصورة أن تكون مهملة لا عمل لها مطلقًا، ولا فائدة منها إلا الدلالة على أن زمن التعجب ماضٍ "طبقًا للبيان والتفصيل السابقين في ج١ م٤٤ "زيادة كان" وكذلك م٤ عند الكلام بل الأفعال.

<<  <  ج: ص:  >  >>