بالسكون، قُلبت الواو ياء؛ فصارت الكلمة: صاحُبُيَّ، ثم حركت الباء بالكسرة؛ لتناسب الياء؛ فصارت الكلمة: صاحِبِيَّ. ومثلها جاء خادِميّ ومساعدِيّ، إذ يرتضي النحاة في إعرابها:"خادميّ"، فاعل مرفوع بالواو المقدرة المنقلبة ياء المدغمة في ياء المتكلم. و"خادم" مضاف وياء المتكلم مضاف إليه؛ مبنية على الفتح في محل جر. وكذلك الباقي وما أشبهه.
ويقول فريق آخر: إن إعراب كلمة: "صاحِبِيّ" وأشباهها هو إعراب لفظي، لا تقديري؛ لوجود ذات الواو، ولكن في صورة ياء. وتغير صورتها لعلة تصريفية لا يقتضي أن نقول إنها مقدرة. والخلاف بين هذين الرأيين لا قيمة له؛ لأنه خلاف لفظي، شكلى، لا يترتب عليه شيء عملي؛ فلا مانع من اتباع أحد الرأيين. والأول أفضل لموافقته لبعض حالات خاصة أخرى.
ز- جسم الإنسان -وغيره- ذو أعضاء، وأجزاء، وأشياء أخرى تتصل به، منها: ما يلازمه ويتصل به دائمًا، فلا ينفصل عنه في وقت، ثم يعود إليه في وقت آخر؛ كالرأس؛ والأنف، والظهر، والبطن، والقلب ... ومنها: ما يتصل به حينًا، وينفصل عنه حينًا، ويعود إليه بعد ذلك؛ كالثوب، والأدوات الجسمية الأخرى وأشباهها ... فإذا كان في الجسم شيء واحد لا يتعدد، ولا ينفصل عنه، كالرأس؛ والقلب -ضممت إليه مثله جاز فيه ثلاثة أوجه:
أوَلها: الجمع: وهو الأكثر. نحو: ما أحسن رءوسكما. ومنه قوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} . وإنما عبروا بالجمع مع أن المراد التثنية؛ لأن التثنية في الحقيقة جمع لُغَوى١؛ ولأنه مما لا يقع فيه لَبس، ولا إشكال؛ فمن المعلوم ألا يكون للإنسان إلا رأس واحد، أو قلب واحد ...
ثانيها: التثنية على الأصل وظاهر اللفظ؛ نحو: ما أحسنَ رأسَيْكما، وأطيبَ قلبيْكما.
ثالثها: الإفراد؛ نحو؛ ما أحسنَ رأسكما، وأطيبَ قلبَكما. وهذا جائز لوضوح المعنى، إذ كل فرَد له شيء واحد من هذا النوع، فلا يشكل، ولا يوقع في لبس. فجيء باللفظ المفرد، للخفة.
١ راجع ماله اتصال بهذا، والأمثلة الواردة التي تؤيده في رقم١ من هامش ص١١٩ ورقم٢ من هامش ص١٣٧.