للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الناقة أصبر من غيرها، الناقتان أصبر من غيرهما، النوق أصبر من غيرهن.

ب- وأما الأمر الثاني وهو: دخول: "من"١ جارة للمفضل عليه "أي: للمفضول" فأمر واجب أيضًا، بشرط أن يكون قصد التفضيل باقيًا. ولهذا كان وجودها دليلًا على إرادة التفضيل، وعدم انسلاخ "أفعل" عنه. وهي مختصة بهذا القسم وحده، وبدخولها على المفضول دون غيره، ولا وجود لها في القسمين الآخرين –كما سيجيء عند الكلام عليهما– ولا يجر المفضول غيرها من حروف الجر. ومن الأمثلة –غير ما سبق– قول المتنبي:

وما ليل بأطول من نهار ... بظل بلحظ حسادي مشوبًا

وما موت بأبغض من حياة ... أرى لهمو معي فيها نصيبًا

ودخول حذفهما معًا، بشرط وجود دليل عليهما؛ كقوله تعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ، أي: والآخرة خير من الدنيا، وأبقى منها. وقد اجتمع الحذف والإثبات في قوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} ، أي: أعز نفرًا منك. وقول الشاعر:

ومن يصبر يجد غب صبره ... ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم

أي: ألذ من جني النحل.

وإذا حذفا من اللفظ كانا ملحوظين في النية والتقدير؛ وصارا بمنزلة المذكورين٢.


١ ومعناها هنا: الابتداء أو المجاوزة، فإذا كانت للابتداء فهي لابتداء الارتفاع إذا كان السباق للمدح؛ نحو: النشيط أفضل من الخامل، ولابتداء الانحطاط إذا كان السياق الذم؛ نحو: المنافق أضر من العدو. وإذا كانت للمجاوزة فمعناها أن المفضل جاوز المفضول في الأمر المحمود أو المذموم ... و"من" هذه غير "من" التي تجيء للتعدية المجردة "أي: التعدية التي لا دلالة معها على التفضيل مطلقًا؛ لأنه غير مراد" ومن صورها ما يجيء في "الملاحظة" الخاصة: ص٤٠٥.
٢ يقول ابن مالك في "أفعل التفضيل المجرد، ووصله بالحرف: "من" لفظًا أو: تقديرا":
وأفعل التفضيل صله أبدا ... تقديرًا، أو لفظًا بـ"من" إن جردا
ثم يقول في بيت سيعاد ذكره لمناسبة أخرى في ص٤١٦:
وإن لمنكور بضف أو جردا ... ألزم تذكيرًا وأن يوحدا

<<  <  ج: ص:  >  >>