للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت إضافته لمعرفة وجب تحقيق الشرطين العامين المشار إليهما آنفاً. وتجوز فيه بعد ذلك من ناحية التذكير والإفراد وفروعهما –المطابقة وعدمها، بشرط أن يكون الغرض من "أفعل التفضيل" باقيًا –وقد شرحنا هذا الغرض– ولكن ترك المطابقة في التثنية والجمع هو الأكثر، إذ الأفصح أن يكون مفردًا مذكرًا في جميع استعمالاته. فمثال المطابقة: عمر أعْدَلُ الأمراء، العمران١ أعدلا الأمراء، الخلفاء الراشدون أعدَلُوا الأمراء، فاطمة فُضْلَى الزميلات، الفاطمتان فُضْلَيَا الزميلات، الفاطمات فضليات الزميلات..

ومثال عدم المطابقة: عمر أعدل الأمراء، العمران أعدل الأمراء، الخلفاء الراشدون أعدل الأمراء ... فاطمة فضْلّى الزميلات، الفاطمتان فُضْلَى الزميلات، الفاطمات فضلَى الزميلات ...

أما إن كان الغرض الأصلي هو عدم المفاضلة مطلقاً٢ أو: كان الغرض هو بيان المفاضلة المجردة٣ فتجيب المطابقة للموصوف في الصورتين٤ في الإفراد والتذكير وفروعهما، مع جواز أن يكون أفعل التفضيل المضاف بعضًا من المضاف إليه، أو غير بعض. فمثال ما لا يراد منه المفاضلة مطلقًا قول أحد الرحالين يصف الأقزام في المناطق الشمالية:

".... رأيت أهلها صغار الأجسام، قصارًا، لا يكاد أحدهما يزيد على خمسة أشبار، وليس لهم حكومة، ولكن عندهم قاض واحد يرجعون إليه، ويحترمون رأيه. وقد قابلته مرة فقال لي المترجم: هذا أفضل القضاة عندنا، وأوسع الرجال خبرة قضائية في بلدنا، وأرجحهم عقلًا ... ". فالمراد: فاضل، واسع، راجح ...


١ عمر بن الخطاب، وعمرو بن عبد العزيز.
٢ أي: عدم إرادة الزيادة، وأن "أفعل" بمعنى الفاعل، أو الصفة المشبهة. وهذا يقضي ألا يوجد المفضول، ولا "من" الجارة له. فقد سبق في "ب" من ص٤٠٢. وهذا يقتضي ألا يوجد المفضول، ولا "من" الجارة له. فقد سبق في "ب" من ص٤٠٢ أن "أفعل" لا يمكن تجريده من معنى المفاضلة مع وجود "من" الجارة للمفضول.
٣ أي: إثبات الزيادة المحضة التي لا يقصد منها زيادة شيء على المضاف إليه وحده، وإنما يقصد منها مجرد الزيادة عليه وعلى غيره.
٤ والأحسن الأخذ بالرأي القائل بقياسيتهما "بشرط وجود القرينة الموضحة للمراد منها؛ لكثرة مجيئهما، في أفصح الكلام، وأخذًا بالأيسر الذي لا ضرر فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>