للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى بعض النحاة أن هذه الجملة المشتملة على النعت المقطوع ليست مستقلة ولا مستأنفة، وإنما هي "حال" إذا وقعت بعد معرفة محضة، و"نَعْت" إذا وقعت بعد نكرة محضة، وتصلح للأمرين إذا وقعت بعد نكرة مختصة، فشأنها كغيرها من الجمل التي تعرب "حالًا" بعد المعارف المحضة، و"نعتًا" بعد النكرات المحضة، وتصلح للأمرين بعد النكرة المختصة. والرأي الأول١ أقْوَم وأحْسنُ.

٧- سبب القطع بلاغي محض -كما قلنا٢- هو التشويق، وتوجيه الأذهان بدفع قويّ إلى النعت المقطوع؛ لأهمية فيه تستدعي مزيدًا من الانتباه إليه، وتقلق الفكر به، وانه حقيقي بالتنويه وإبراز مكانته. وجعلوا الأمارة على هذا كله إضمار العامل، وتكوين جملة جديدة، الغرض منها: إنشاء المدح أو الذم أو الترحم، ... أو ... فهي جملة إنشائية من نوع الجمل الإنشائية غير الطلبية٣.

وإذا كان سبب القطع بلاغيًا -ولا بدّ من قيام هذا السبب- فمن البلاغة أيضًا ألا نلجأ إلى استخدام القطع مع من يجهله! فيحكم بالخطأ على الضبط الحادث بسببه.

حذف النعت أو المنعوت، أو هما معًا:

أ- قد يحذف النعت أحيانًا حذفًا قياسيًا إذ كان معلومًا بقرينة تدل عليه بعد حذفه؛ كقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} ، والأصل: "كل سفينة صالحة"؛ بقرينة قوله: "أن أعيبها؛ فهي تدل على أنها قبل هذا خالية من العيب، أي: صالحة للانتفاع بها، وبقرينة أخرى؛ هي: أن الملك الغاصب لا يغتصب ما لا نفع فيه.


١ لأن هذه الجملة الجديدة إنشائية للمدح أو الذم أو غيرهما. -كما سيجيء بعد هذا مباشرة- والجملة الإنشائية لا تكون نعتًا –إلا مع التأويل الذي سبق في هامش ص٤٧٤– ولا تكون حالًا.
٢ تقدم البيان في رقم ٣ من هاش ص٤٨٧.
٣ وقد سبقت الإشارة لهذا في ج١ ص٤٦٤ م٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>